Tuesday, November 13, 2007

الشعوب بين حوار الثقافات وصراع الحضارات



مرت منذ فترة وجيزة الذكرى السادسة لهجمات الحادى عشر من سبتمبر ... تلك الأحداث التى لم تكتف بخلق العديد من الصراعات لعل ليس بأعنفها ما حدث من صدامات كثيرة على الصعيدين الشعبى والدولى على حد سواء بين معسكرى العالم الغربى من جهة والعالم العربى والإسلامى من جهة أخرى ... ولعل ليس بأخطرها تلك الحملة المسماة ب"الحرب على الإرهاب" والتى اجتاحت بمقتضاها الولايات المتحدة دولاً إسلامية كان أولها أفغانستان ولا يبدو ان آخرها سيكون العراق ... أقول ان الأعمق والأخطر من ذلك هو ذلك الصدع التاريخى الذى أصاب العالم الحديث ... فقد انقسم التاريخ الحديث الى شقين: شق ما قبل 9/11 وشق ما بعد هذا اليوم على غرار الشقين اللذان صنعا التقويم الميلادى نفسه والذى دون الأوروبيون على أساسه التاريخ الانسانى كله وذلك بقسمه الى ما قبل ميلاد السيد المسيح وما بعد ميلاده.

وقد ظهرت على الساحة الفكرية فى الست سنوات الأخيرة - أى فى الفترة التالية لبدء التاريخ الجديد - تعبيرات ومفاهيم بل ونظريات كثيرة ... بعضها حديث وبعضها تم نفض التراب عنه وإعادة إحياؤه ...و أهم هذه المفاهيم ... والتى أثارت جدلاً واسعاً فى الأوساط الثقافية ... بل والأدهى ان ظهر تأثيرها على المفاهيم العسكرية واستراجيتها ... هى نظرية "صراع الحضارات" لصامويل هانتينجتون ... وقد أثارت هذه النظرية مشاعر مختلفة لدى الفريقين الغربى والشرقى... ففى الغرب, بدا وكأن نواقيس الخطر بدأت تدق بعنف منذرة العالم الغربى ببدء نهوض الخطر الاسلامى ... فتطابقت نظرية هانتينجتون التى تنص على ان الصراع القادم بين الشرق والغرب بعد انتهاء الحرب الباردة لن يكون سوى صراع بين الشعوب الاسلامية والغرب ... تطابقت هذه النظرية مع أحداث ال9/11 فجزمت بما هو مشكوك فيه أصلاً بان المسؤول الأول والأوحد عن التفجيرات هى جماعة القاعدة الاسلامية التى نشأت وترععت ثم انطلقت من عقر دار الاسلام لتنقض على الغرب فتكون بمثابة الشرارة الأولى للصراع المزعوم وليتحول هانتينجتون الى عراف ونبى الغرب الذى صدق قوله بعد أقل من 10 سنوات فقط من أول اعلان لنظريته
أما فى الشرق, فبعيداً عن تفاعلات الشعوب العربية مع أحداث العراق والتنديد بالهجمات "الصليبية" الجديدة كما أطلقوا عليها – وياللمفارقة اذ يبدو هذا متماشياً تماماً مع نظرية الصراع بين الاسلام الشرقى والمسيحية الغربية – ومحاولات المثقفين العرب هدم نظرية هنتينجتون نفسها من أساسها على أساس ان الفترة الزمنية التى بنى عليها هنتينجتون افتراضاته هى فترة زمنية محدودة تبدأ بالفتح الاسلامى ... وبذلك يكون قد غض الطرف متعمداً عن فترة هائلة من التاريخ قبل الاسلام بل وقبل المسيحية ذاتها كان الصراع فيها يدور سجالاً بين الشرق والغرب فى صراع أبدى للاستحواذ على السلطة والسيادة على العالم بين قطبى العالم متمثلان فى الامبراطورية الفارسية فى الشرق ومثيلتها الرومانية (ولاحقاً خليفتها البيزنطية) فى الغرب ... مما ينفى تماماً ارتباط طبيعة هذا الصراع بأى هوية دينية كما حاول هانتنجتون صبغ الصراع السابق المذكور فى مقالته والمقصود به الفتح الإسلامى وفعل المثل بطبيعة الصراع القادم الذى تنبأ به

أقول بعيداً عن كل هذا ارتفعت بعض الأصوات الداعية إلى مد جسور الحوار مع الغرب فيما أطلق عليه "حوار الحضارات أو الثقافات" كمحاولة لصد المصطلح الهجومى "صراع الحضارات" ... وكان من جملة هذه الأصوات تلك التى دعت إلى وشاركت فى المؤتمرات الدولية والمؤسسية التى أقيمت فى العديد من دول الشرق والغرب وخاصة الأوروبية منها, لا سيما بعد حادثة الرسوم الدانماركية المسيئة للاسلام والتى تعد من أبرز تداعيات الصدامات الحضارية – وليس السياسية المتمثلة فى الحروب السالف ذكرها – التى حدثت بعد 11/9 ... وأخص بالذكر هنا تجربة ناجحة ... قادتها والقائمين عليها هم نخبة قليلة من الشباب والشابات الذين يعيشون فى قلب الشرق الأوسط كأفراد عاملة تنتمى الى تلك الشعوب التى تم وصمها بالعدوانية والتطرف من قبل هانتنجتون ... فكان ان رأى هؤلاء ان من واجبهم القيام بدورهم فى مد جسور التواصل الثقافى مع أفراد مثلهم من شعوب المعسكر المقابل التى هى غافلة – أو تم تغفيلها عمداً – عن أبسط الحقائق التاريخية ولا سيما تلك المتعلقة بالاسلام وعلاقته بالآخر ... خرجت هذه التجربة إلى النور فى شكل عدد من المشروعات أو ورش العمل الصغيرة ... تحمل كلها شعاراً "لا تكره, بل علِّم"
Don’t hate, educate
وكان من جملة هذه المشروعات الصغيرة مشروع يحث طلبة المدارس الأجنبية والدولية فى مصر على مراسلة نظائرهم فى المدارس الدانمركية بخطابات او كروت أو هدايا تعارف بسيطة توضح الخلفيات الحضارية لكلتا الثقافتين ... ولم يقتصر المشروع الذى أختاروا لتسميته اسم "كلمنى" على الطلبة فقط بل امتد ليشمل المدرسين والمدرسات بكلتا البلدين
ومشروع آخر يهدف الى تصميم مجموعة من كتب الأطفال الملونة والمصممة بحيث تعكس لمحات من الحضارة العربية والاسلامية بهدف توصيل هذه الثقافة الى الأطفال فى المدارس الأوروبية بطريقة سهلة ومبسطة

وكان المشروع الأم الجامع لهذه الورش الصغيرة هو موقع إلكترونى تم تصميمه بعنايه ليعكس كل ركن فيه مفاهيم ومبادىء المشروع الأساسية بدءاً من اسم الموقع نفسه "زيرو نت" ومروراً بكل صفحة فيه التى تحتوى كل منها على عدد من الأفكار المبدعة لتبادل الثقافات مثل صفحة بعنوان "الحضارات المرئية" ... وهى تجمع ما بين الفنون المختلفة من الرسم الزيتى والتصوير الفوتوغرافى وتصميمات الجرافيك والخط العربى والرسومات الثلاثية الأبعاد من تصميمات أعضاء الفريق وأصدقائهم ...وكلها تعكس مفاهيم ولقطات حضارية كما يرى المصصم بيئته وحضارته ... وصفحة أخرى قام فيها الفريق بالعثور على العديد من التشابهات فى المعانى بين أشهر مقولات المثقفين الأوروبيين والأمثال والحكم المشهورة عند الشعوب الأوروبية على مر العصور وبين مقولات وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام بل وآيات القرآن نفسها وقد أعى الفريق هذه الصفحة اسم "حكمة متوازية"

ولم يكتفى فريق الشباب المؤمن بفكرته عند حدود الموقع الالكترونى بل سعوا الى نشر الفكرة وأهدافها وتوصيلها بقوة الى كلا المجتمعين العربى والأوروبى عن طريق الترجمة الى عدد من اللغات الأجنبية والمشاركة فى العديد من الندوات والمؤتمرات بالداخل والخارج بل وحتى عن طريق المعارف الشخصيين فى الدول الأخرى الذين تم اعتبارهم كسفراء للفكرة فى تلك الدول حتى يقوموا بتمرير الرسالات ولو بطريقة شفهية الى مجتمعاتهم ... حتى ان تخطت الفكرة أو التجربة الحدود الأوروبية نفسها ووصلت الى اليابان فى الشرق الأقصى وتم إفراد جزء خاص بالحوار مع الثقافة اليابانية على الموقع ... وجاء تكريم هذا العمل فى مصر بحصوله على الجائزة الفضية فى مسابقة المحتوى الالكترونى بمثابة توثيق لهذا النجاح الذى قام بالجهود الذاتية فقط وبما يحب ان يطلق عليه الفريق اسم "ميزانية صفر" كامتداد لاسم ومعنى
الموقع نفسه
أما عن اسم "زيرو نت" لم يكن مجرد اسم عصرى للفت الانتباه بل تم اختياره خصيصاً ليكون ملخصاً
لفكرة حوار الحضارات نفسها ... فبغض النظر عن الجدل الدائر عن أصل مخترع الرقم "صفر" فلا أحد ينكر تاريخياً ان الخواريزمى يعتبر هو أبو علم الرياضيات والجبر وبالتالى فالفضل يعود اليه فى تقديم الرقم "صفر" إلى العالم ... وبعيداً عن ذلك فان الفكرة تعتمد فى أساسها عل شكل هذا الرقم "صفر" ... هذا الشكل الذى يختلف بين الشرق والغرب ... فالبعض يكتبه كنقطة والبعض يراه كدائرة مفرغة ... ولذلك فلا يوجد شىء واحد ... ليس حتى شىء فى بساطة الرقم صفر ... ينظر اليه الجميع من منظور واحد ... بل هناك دائماً جانب آخر للرؤية ... فكذلك يجب ان تكون نظرتنا للآخر ... يجب ان ننظر من كلتا الزاويتين حتى نحصل على الاحترام الحقيقى للآخر ... فكلا الجانبين لا يستطيع العيش بدون الآخر ... كما ان كل دول العالم شرقاً وغرباً أيا كانت ديانتها أو ثقافتها لا تستغنى عن الرقم صفر

والآن وبعد مرور أكثر من عام على إقامة هذا المشروع وبعد ان لقى هذا المشروع استحسان العديد من المؤسسات والمنظمات فى الغرب قبل الشرق ... هذا المشروع الذى عبَّر وبصدق شديد عن إمكانية "حوار الحضارات" ... ليس الامكانية فقط ... بل وايضا بأقل الجهود الفردية ... واثبت ان هناك رغبة حقيقية من الشعوب - الممثلة فى الأفراد وليس الدول والحكومات - سواء شرقية أو غربية ... بكل ما تحمله هذه الشعوب فى طياتها من ثقافات ومعتقدات وديانات مختلفة ... فى مد ايدى الصداقة والتعاون من أجل فهم الآخر والتواصل معه ... الآن يبقى السؤال: هل فعلاً الصراع هو صدام بين حضارات مختلفة أم كان وسيظل دائماً هو صراع السلطة والنفوذ والسيادات؟




:المراجع
"إسقاط نظرية صِـراع الحضارات وإعادة تقديم الإسلام للعقل الغربي" – عزيز فهمى
The Clash of Civilizations and the Remaking of World Order - Samuel P. Huntington
http://www.zero-net.net
http://en.wikipedia.org/wiki/Clash_of_Civilizations#Huntington.27s_thesis_of_civilizational_clash

Friday, November 02, 2007

كل واحد منا في قلبه حكاية

يا راوي حكي حكاية
مادابك تكون رواية
حكي لي على ناس الزمان
حكي لي على ألف ليلة وليلة
وعلى لنجة بنت الغولة
وعلى ولد السلطان
حانجيتك مانجيتك
دنا بعيد من هادي دنيا
حاجيتك ماجيتك
كل واحد منا في قلبه حكاية
حكي وانسى بلي احنا كبار
في بالك رانا صغار
حكي لنا على الجنة
حكي لنا على النار
على طير عمره ما طار
فهمنا معانى الدنيا
يا راوي حكي كما حكوا لك
ما تزيد ما نقص من عندك
كاين نشفوا على بالك
حكي لنسينا في هاد زمان
خلينا في كان يا ما كان

اسمعها