فى الشارع
:مشهد واحد
سيارتين تقفان متواجهتان فى شارع جانبى ضيق باحد المناطق الراقية من مصر الجديدة ... السيارة الأولى تقودها فتاة فى النصف الثانى من العشرينات والثانية يقودها رجل تخطى الأربعين من عمره ... المشهد يبدو كمشهد ثابت حيث يرفض كلاهما التحرك لمدة لا تقل عن ثلاثة دقائق ... وبغض النظر عن العرف السائد والقانون الطبيعى والتفكير المنطقى الذى يقول ان للسيارة التى عبرت أكثر من منتصف طول الشارع الحق فى المرور طالما ان الشارع ذو اتجاهين – مما يجبر الرجل فى هذه الحالة على التراجع وافساح الطريق أمام الفتاة التى بالمناسبة كانت قد أعطته اشارات ضوئية متواصلات لحثه على الانتظار وعدم دخول الشارع من أساسه حتى تتمكن من المرور – الا ان منطق الرجل ذاته هو ما يثير العجب ... فهو يريدها ان تتراجع لانه ببساطة يريد ان يقوم بركن السيارة أمام منزله – وهى فيللا بالمناسبة - المتواجد بنفس الشارع – وكانت الفتاة قد تخطته من البداية ورغم ذلك فهو يتوقع ان من حقه الطبيعى ان تتراجع هى حتى يركن هو ثم تمر هى كما تشاء
:المشهد الثانى
سيارتين تقفان متواجهتان فى شارع جانبى ضيق باحد المناطق الراقية من مصر الجديدة ... السيارة الأولى تقودها فتاة فى النصف الثانى من العشرينات والثانية يقودها رجل تخطى الأربعين من عمره ... المشهد يبدو كمشهد ثابت حيث يرفض كلاهما التحرك لمدة لا تقل عن ثلاثة دقائق ... وبغض النظر عن العرف السائد والقانون الطبيعى والتفكير المنطقى الذى يقول ان للسيارة التى عبرت أكثر من منتصف طول الشارع الحق فى المرور طالما ان الشارع ذو اتجاهين – مما يجبر الرجل فى هذه الحالة على التراجع وافساح الطريق أمام الفتاة التى بالمناسبة كانت قد أعطته اشارات ضوئية متواصلات لحثه على الانتظار وعدم دخول الشارع من أساسه حتى تتمكن من المرور – الا ان منطق الرجل ذاته هو ما يثير العجب ... فهو يريدها ان تتراجع لانه ببساطة يريد ان يقوم بركن السيارة أمام منزله – وهى فيللا بالمناسبة - المتواجد بنفس الشارع – وكانت الفتاة قد تخطته من البداية ورغم ذلك فهو يتوقع ان من حقه الطبيعى ان تتراجع هى حتى يركن هو ثم تمر هى كما تشاء
:المشهد الثانى
سيارة نقل تقطع الطريق بالعرض أمام مينى باص معترضة تماماً شارع أحمد فخرى ومانعة مرور أى سيارة تماماً لمدة تزيد عن عشر دقائق هى المدة التى قضاها سائق النقل فى الشجار مع سائق المينى باص ... ولا يهم هنا ما سبب المشكلة أو من المخطىء ... كما لا يهم من ينتظر ومن تأخر عن عمله ومن يريد الدخول الى المستشفى التى تقع على بعد أمتار ومدخلها مسدود تماماً بسبب السيارات المتوقفة أو من كان حظه العاثر ان احتاج الى سيارة إسعاف حالاً ... فالمهم هو "حقى وحقك" – ده بالنسبة للسائقين الاثنين طبعا وليس حق أى مواطن آخر
الملاحظ من المشهدين انه على ما يبدو هناك مرض مستشرى فى المجتمع المصرى بغض النظر عن طبقاته – لاحظ ان المشهد الأول بطله أحد موسرى مصر الجديدة والثانى بطليه سائقى سيارات نقل ... هذا المرض اسمه "المركزية الذاتية" * وهى ان لا يرى الانسان سوى نفسه بكل ما تمثلها من رغبات واحتياجات فقط لا غير ... فمجال رؤيته لا يتعدى عينيه نفسها ... الأول لم ير سوى رغبته فى الركن أمام منزله رغم انه لو انتظر ثانية واحدة لكان وصل الى منزله دون ان يسبب اى متاعب لنفسه ولا للآخرين
والثانى لم يرى سوى رغبته فى الانتقام من الأخر ايا كان ما سببه هذا الآخر وهو فى ذلك اعتبر نفسه المتحكم الأول والأخير فى هذا الشارع بل وفى مصائر جميع السائرين فيه ... فلا أحد يمكنه العبور الا اذا تفضل هو وسمح له بالعبور!
* self centricity
1 comment:
كتابة براقة
وفن حكائى هائل
ربنا يديم عليكى متعة الاستمتاع بالكتابة
انا حسيت انك بتستمتعى قوى
وانتى بتكتبى
درة الحسن
www.rohelfeda.blogspot.com
Post a Comment