Tuesday, November 13, 2007

الشعوب بين حوار الثقافات وصراع الحضارات



مرت منذ فترة وجيزة الذكرى السادسة لهجمات الحادى عشر من سبتمبر ... تلك الأحداث التى لم تكتف بخلق العديد من الصراعات لعل ليس بأعنفها ما حدث من صدامات كثيرة على الصعيدين الشعبى والدولى على حد سواء بين معسكرى العالم الغربى من جهة والعالم العربى والإسلامى من جهة أخرى ... ولعل ليس بأخطرها تلك الحملة المسماة ب"الحرب على الإرهاب" والتى اجتاحت بمقتضاها الولايات المتحدة دولاً إسلامية كان أولها أفغانستان ولا يبدو ان آخرها سيكون العراق ... أقول ان الأعمق والأخطر من ذلك هو ذلك الصدع التاريخى الذى أصاب العالم الحديث ... فقد انقسم التاريخ الحديث الى شقين: شق ما قبل 9/11 وشق ما بعد هذا اليوم على غرار الشقين اللذان صنعا التقويم الميلادى نفسه والذى دون الأوروبيون على أساسه التاريخ الانسانى كله وذلك بقسمه الى ما قبل ميلاد السيد المسيح وما بعد ميلاده.

وقد ظهرت على الساحة الفكرية فى الست سنوات الأخيرة - أى فى الفترة التالية لبدء التاريخ الجديد - تعبيرات ومفاهيم بل ونظريات كثيرة ... بعضها حديث وبعضها تم نفض التراب عنه وإعادة إحياؤه ...و أهم هذه المفاهيم ... والتى أثارت جدلاً واسعاً فى الأوساط الثقافية ... بل والأدهى ان ظهر تأثيرها على المفاهيم العسكرية واستراجيتها ... هى نظرية "صراع الحضارات" لصامويل هانتينجتون ... وقد أثارت هذه النظرية مشاعر مختلفة لدى الفريقين الغربى والشرقى... ففى الغرب, بدا وكأن نواقيس الخطر بدأت تدق بعنف منذرة العالم الغربى ببدء نهوض الخطر الاسلامى ... فتطابقت نظرية هانتينجتون التى تنص على ان الصراع القادم بين الشرق والغرب بعد انتهاء الحرب الباردة لن يكون سوى صراع بين الشعوب الاسلامية والغرب ... تطابقت هذه النظرية مع أحداث ال9/11 فجزمت بما هو مشكوك فيه أصلاً بان المسؤول الأول والأوحد عن التفجيرات هى جماعة القاعدة الاسلامية التى نشأت وترععت ثم انطلقت من عقر دار الاسلام لتنقض على الغرب فتكون بمثابة الشرارة الأولى للصراع المزعوم وليتحول هانتينجتون الى عراف ونبى الغرب الذى صدق قوله بعد أقل من 10 سنوات فقط من أول اعلان لنظريته
أما فى الشرق, فبعيداً عن تفاعلات الشعوب العربية مع أحداث العراق والتنديد بالهجمات "الصليبية" الجديدة كما أطلقوا عليها – وياللمفارقة اذ يبدو هذا متماشياً تماماً مع نظرية الصراع بين الاسلام الشرقى والمسيحية الغربية – ومحاولات المثقفين العرب هدم نظرية هنتينجتون نفسها من أساسها على أساس ان الفترة الزمنية التى بنى عليها هنتينجتون افتراضاته هى فترة زمنية محدودة تبدأ بالفتح الاسلامى ... وبذلك يكون قد غض الطرف متعمداً عن فترة هائلة من التاريخ قبل الاسلام بل وقبل المسيحية ذاتها كان الصراع فيها يدور سجالاً بين الشرق والغرب فى صراع أبدى للاستحواذ على السلطة والسيادة على العالم بين قطبى العالم متمثلان فى الامبراطورية الفارسية فى الشرق ومثيلتها الرومانية (ولاحقاً خليفتها البيزنطية) فى الغرب ... مما ينفى تماماً ارتباط طبيعة هذا الصراع بأى هوية دينية كما حاول هانتنجتون صبغ الصراع السابق المذكور فى مقالته والمقصود به الفتح الإسلامى وفعل المثل بطبيعة الصراع القادم الذى تنبأ به

أقول بعيداً عن كل هذا ارتفعت بعض الأصوات الداعية إلى مد جسور الحوار مع الغرب فيما أطلق عليه "حوار الحضارات أو الثقافات" كمحاولة لصد المصطلح الهجومى "صراع الحضارات" ... وكان من جملة هذه الأصوات تلك التى دعت إلى وشاركت فى المؤتمرات الدولية والمؤسسية التى أقيمت فى العديد من دول الشرق والغرب وخاصة الأوروبية منها, لا سيما بعد حادثة الرسوم الدانماركية المسيئة للاسلام والتى تعد من أبرز تداعيات الصدامات الحضارية – وليس السياسية المتمثلة فى الحروب السالف ذكرها – التى حدثت بعد 11/9 ... وأخص بالذكر هنا تجربة ناجحة ... قادتها والقائمين عليها هم نخبة قليلة من الشباب والشابات الذين يعيشون فى قلب الشرق الأوسط كأفراد عاملة تنتمى الى تلك الشعوب التى تم وصمها بالعدوانية والتطرف من قبل هانتنجتون ... فكان ان رأى هؤلاء ان من واجبهم القيام بدورهم فى مد جسور التواصل الثقافى مع أفراد مثلهم من شعوب المعسكر المقابل التى هى غافلة – أو تم تغفيلها عمداً – عن أبسط الحقائق التاريخية ولا سيما تلك المتعلقة بالاسلام وعلاقته بالآخر ... خرجت هذه التجربة إلى النور فى شكل عدد من المشروعات أو ورش العمل الصغيرة ... تحمل كلها شعاراً "لا تكره, بل علِّم"
Don’t hate, educate
وكان من جملة هذه المشروعات الصغيرة مشروع يحث طلبة المدارس الأجنبية والدولية فى مصر على مراسلة نظائرهم فى المدارس الدانمركية بخطابات او كروت أو هدايا تعارف بسيطة توضح الخلفيات الحضارية لكلتا الثقافتين ... ولم يقتصر المشروع الذى أختاروا لتسميته اسم "كلمنى" على الطلبة فقط بل امتد ليشمل المدرسين والمدرسات بكلتا البلدين
ومشروع آخر يهدف الى تصميم مجموعة من كتب الأطفال الملونة والمصممة بحيث تعكس لمحات من الحضارة العربية والاسلامية بهدف توصيل هذه الثقافة الى الأطفال فى المدارس الأوروبية بطريقة سهلة ومبسطة

وكان المشروع الأم الجامع لهذه الورش الصغيرة هو موقع إلكترونى تم تصميمه بعنايه ليعكس كل ركن فيه مفاهيم ومبادىء المشروع الأساسية بدءاً من اسم الموقع نفسه "زيرو نت" ومروراً بكل صفحة فيه التى تحتوى كل منها على عدد من الأفكار المبدعة لتبادل الثقافات مثل صفحة بعنوان "الحضارات المرئية" ... وهى تجمع ما بين الفنون المختلفة من الرسم الزيتى والتصوير الفوتوغرافى وتصميمات الجرافيك والخط العربى والرسومات الثلاثية الأبعاد من تصميمات أعضاء الفريق وأصدقائهم ...وكلها تعكس مفاهيم ولقطات حضارية كما يرى المصصم بيئته وحضارته ... وصفحة أخرى قام فيها الفريق بالعثور على العديد من التشابهات فى المعانى بين أشهر مقولات المثقفين الأوروبيين والأمثال والحكم المشهورة عند الشعوب الأوروبية على مر العصور وبين مقولات وأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام بل وآيات القرآن نفسها وقد أعى الفريق هذه الصفحة اسم "حكمة متوازية"

ولم يكتفى فريق الشباب المؤمن بفكرته عند حدود الموقع الالكترونى بل سعوا الى نشر الفكرة وأهدافها وتوصيلها بقوة الى كلا المجتمعين العربى والأوروبى عن طريق الترجمة الى عدد من اللغات الأجنبية والمشاركة فى العديد من الندوات والمؤتمرات بالداخل والخارج بل وحتى عن طريق المعارف الشخصيين فى الدول الأخرى الذين تم اعتبارهم كسفراء للفكرة فى تلك الدول حتى يقوموا بتمرير الرسالات ولو بطريقة شفهية الى مجتمعاتهم ... حتى ان تخطت الفكرة أو التجربة الحدود الأوروبية نفسها ووصلت الى اليابان فى الشرق الأقصى وتم إفراد جزء خاص بالحوار مع الثقافة اليابانية على الموقع ... وجاء تكريم هذا العمل فى مصر بحصوله على الجائزة الفضية فى مسابقة المحتوى الالكترونى بمثابة توثيق لهذا النجاح الذى قام بالجهود الذاتية فقط وبما يحب ان يطلق عليه الفريق اسم "ميزانية صفر" كامتداد لاسم ومعنى
الموقع نفسه
أما عن اسم "زيرو نت" لم يكن مجرد اسم عصرى للفت الانتباه بل تم اختياره خصيصاً ليكون ملخصاً
لفكرة حوار الحضارات نفسها ... فبغض النظر عن الجدل الدائر عن أصل مخترع الرقم "صفر" فلا أحد ينكر تاريخياً ان الخواريزمى يعتبر هو أبو علم الرياضيات والجبر وبالتالى فالفضل يعود اليه فى تقديم الرقم "صفر" إلى العالم ... وبعيداً عن ذلك فان الفكرة تعتمد فى أساسها عل شكل هذا الرقم "صفر" ... هذا الشكل الذى يختلف بين الشرق والغرب ... فالبعض يكتبه كنقطة والبعض يراه كدائرة مفرغة ... ولذلك فلا يوجد شىء واحد ... ليس حتى شىء فى بساطة الرقم صفر ... ينظر اليه الجميع من منظور واحد ... بل هناك دائماً جانب آخر للرؤية ... فكذلك يجب ان تكون نظرتنا للآخر ... يجب ان ننظر من كلتا الزاويتين حتى نحصل على الاحترام الحقيقى للآخر ... فكلا الجانبين لا يستطيع العيش بدون الآخر ... كما ان كل دول العالم شرقاً وغرباً أيا كانت ديانتها أو ثقافتها لا تستغنى عن الرقم صفر

والآن وبعد مرور أكثر من عام على إقامة هذا المشروع وبعد ان لقى هذا المشروع استحسان العديد من المؤسسات والمنظمات فى الغرب قبل الشرق ... هذا المشروع الذى عبَّر وبصدق شديد عن إمكانية "حوار الحضارات" ... ليس الامكانية فقط ... بل وايضا بأقل الجهود الفردية ... واثبت ان هناك رغبة حقيقية من الشعوب - الممثلة فى الأفراد وليس الدول والحكومات - سواء شرقية أو غربية ... بكل ما تحمله هذه الشعوب فى طياتها من ثقافات ومعتقدات وديانات مختلفة ... فى مد ايدى الصداقة والتعاون من أجل فهم الآخر والتواصل معه ... الآن يبقى السؤال: هل فعلاً الصراع هو صدام بين حضارات مختلفة أم كان وسيظل دائماً هو صراع السلطة والنفوذ والسيادات؟




:المراجع
"إسقاط نظرية صِـراع الحضارات وإعادة تقديم الإسلام للعقل الغربي" – عزيز فهمى
The Clash of Civilizations and the Remaking of World Order - Samuel P. Huntington
http://www.zero-net.net
http://en.wikipedia.org/wiki/Clash_of_Civilizations#Huntington.27s_thesis_of_civilizational_clash

Friday, November 02, 2007

كل واحد منا في قلبه حكاية

يا راوي حكي حكاية
مادابك تكون رواية
حكي لي على ناس الزمان
حكي لي على ألف ليلة وليلة
وعلى لنجة بنت الغولة
وعلى ولد السلطان
حانجيتك مانجيتك
دنا بعيد من هادي دنيا
حاجيتك ماجيتك
كل واحد منا في قلبه حكاية
حكي وانسى بلي احنا كبار
في بالك رانا صغار
حكي لنا على الجنة
حكي لنا على النار
على طير عمره ما طار
فهمنا معانى الدنيا
يا راوي حكي كما حكوا لك
ما تزيد ما نقص من عندك
كاين نشفوا على بالك
حكي لنسينا في هاد زمان
خلينا في كان يا ما كان

اسمعها

Monday, October 22, 2007

الدنيا يا عاقل ... يا مجنون
يا عاقل زيادة عن اللزوم
وده برضو بيكون مجنون


بايحاء من أختنا سوسو ... صاحبة بلاها سوسو

Wednesday, October 17, 2007

SIWA



Thursday, September 06, 2007

عن الوطن واللى فيه واللى مش عايز يبقى فيه



بدأ الموضوع بتساؤلات صديقنا سامح صاحب مدونة "حبتين أسبرين" عن حال المسلم لو عاش فى بلد غريبة ومن هذه التساؤلات احتدم النقاش بينى وبين أختنا سوسو صاحبة "بلاها سوسو" على مدى حوالى 3 أيام حول مبدأ الهجرة فى حد ذاته ... نهاجر ليه؟ نهاجر لمجرد الهجرة؟ وللا علشان الفلوس؟ وللا علشان مش طايقين البلد وخلاص؟ وهل الهجرة هى الحل؟ طب لو كل العقول هجت من البلد هيفضل فيها مين؟ وليه نسيب مصر؟ ليه نخدم فى بلاد غريبة ناس غريبة وأهل بلدنا جعانين ومحتاجين ؟ ويعنى ايه وطن؟ وطنك هو الأرض دى ولا المجتمع والناس؟ وطنك هو تاريخك ولغتك ودينك اللى بتشيلهم جواك منين ما تكون ولا وطنك مكان ما اتولدت وعشت طول عمرك؟ وايه مفهوم الانتماء ؟ الانتماء فعل وللا احساس؟
طب لو هنقعد فى مصر هنعمل ايه؟ هنفدها بايه؟
حاولنا نفكر فى مشكلة واحدة ونشوف احنا كأفراد ممكن نعمل ايه ... مشكلة الجهل وللا الفساد وللا الاسكان وللا البطالة وللا المرور؟ ناخد الأخيرة دى ... نشوف الأسباب ... وعشان نعرف الأسباب نحلل الأعراض ... ايه الأعراض؟ ناس بتكسر على بعض وتمشى عكس الطريق وتركن صف تالت ورابع وتكسر الاشارات والمبدأ بقى الفتوة وحقى بدراعى ... وشوارع غير ممهدة واشارات مش موجودة ولو موجودة ملهاش لازمة وتخطيط سىء لجميع الطرق وشرطة مرور زى قلتهم ... طب دى الأعراض ... كلها بتشاور على سببين ... أولا مفيش قوانين رادعة للناس اللى بترتكب مخالفات ... الرشاوى والواسطة والكوسة تفشت فى كل حتة وبقت عينى عينك ... عساكر المرور بتقف تهدد اللى مش لابس حزام بالدفتر والقلم وتمد ايدها طلباُ للرشوة وكله على عينك يا تاجر فى وسط الاشارات ... وثانيا بالنسبة لتخطيط الطرق فده بايد الحكومة برضو لأننا كأفراد مينفعش كل واحد يشتريلوا شوية أسفلت وينزل يصلح فى الشوارع
ادى ملف واحد من الملفات الفاسدة فى البلد دى ... نغير ازاااااااااى؟
طب ناخد الجهل ... أول حاجة هتيجى على بالك انك تشتغل من خلال الجمعيات الأهلية وتدى فى فصول محو الأمية مثلاُ ... بس أنت تبقى غبى لو فكرت تعلم ناس الفقر والمرض واكلهم تماماُ ... الناس دى خطر انها تتعلم أساساٌ ... لأن جهلها هو اللى مصبرها على اللى هيه فيه ... أكلوهم الأول قبل ما تعلموهم ألف باء ... وبعدين لو الناس دى اتعلمت ... هتعمل ايه بعلمها؟ تشتغل؟ منين يا حسرة؟ مش كفايه الآلاف المؤلفة من الشباب اللى بيتخرج كل سنة ويكون مصيره يا اما القهوة يا اما الهروب مع أول فرصة للعمل فى الخارج؟
ادى ملف تانى نقفله وخلينا ساكتين
بعد كده كلمنى عن الوطن ... وطنى اللى البنى آدم فيه يسوى تمن غسالة كورى ب300 دولار ... يعنى 1200 جنيه مصرى ودول تمن التعويضات اللى خدها أهالى ضحايا العبارة ... كما جاء فى مقال صحيفة الوطن الكويتية المثير للضجة مؤخراً ... وطنى اللى أى أجنبى فيه بيتعامل كمواطن درجة أولى ... درجة سوبر كمان ... والمصرى فيه مواطن درجة عاشرة ... وطنى اللى قيمة الانسان – اذا استخدمنا كلمة انسان مجازا – فيه من قيمة معارفه – خصوصا لو فى جهاز الشرطة وما سابهها من أجهزة السلطة – وقيمة حسابه فى البنك

ازاى وصانا للمرحلة دى؟ أنقل لكم المقالة دى المنشورة فى "المصرى اليوم" بتاريخ 5 سبتمبر:

لستُ مصرياً ولا أود أن أكون مصرياً بقلم محمد عبدالهادى ٥/٩/٢٠٠٧
ظاهرة خطيرة كشف عنها وزير الخارجية السيد أحمد أبوالغيط والسفيران أحمد القويسني مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والمصريين بالخارج والدكتور هشام النقيب مدير إدارة الإعلام والدبلوماسية العامة بالوزارة في حديثي معهم قبل أيام وهي قيام مصريين من المهاجرين غير الشرعيين بتمزيق جوازات سفرهم المصرية لدي بلوغهم أراضي دولة الوصول والتخلص من أي شيء قد يدل علي جنسيتهم حتي ولو كانت ملابس داخلية تحمل علامة تجارية مصرية، وإنكار هويتهم أمام السلطات الأجنبية في حالة إلقاء القبض عليهم ظناً منهم أن ذلك سيمنع إعادتهم إلي الوطن، مفضلين الإقامة في معسكرات إيواء المهاجرين غير الشرعيين علي إعادتهم إلي بلدهم مرة أخري!
ووجه «الخطورة» في هذه الظاهرة أنها تعكس حالة كفر بالهوية وكراهية - لا حدود لها - للوطن ورغبة اختيارية في الاختفاء القسري عنه، وهي حالة تخلق بيئة مثالية لانضوائهم تحت أي مظلة وللتجاوب مع أي يد أجنبية قد تمتد إلي هؤلاء في هذه الظروف التي دفعتهم إلي مغادرة البلد إلي المجهول الذي بدا بدوره بالنسبة لهم أرحم من البقاء في «الوطن»، ففي مطلع القرن العشرين ومصر محتلة ردد المصريون ولسنوات طويلة عبارة الزعيم الوطني مصطفي كامل «لو لم أكن مصرياً لوددتُ أن أكون مصرياً»، وبلغ بنا الحال في مطلع القرن الواحد والعشرين ومصر حرة مستقلة أن بعضاً من شبابنا بات يقرر عملاً وليس قولاً: «لستُ مصرياً ولا أود أن أكون مصرياً»!
أما الأخطر فهو حالة «اللامبالاة» التي تعاملت بها وسائل الإعلام ومراكز الدراسات والبحوث الاجتماعية مع هذا الإقرار «الرسمي» بوجود هذه الظاهرة الصادر من مسؤولين كبيرين بوزارة الخارجية، إلا إذا كانت هذه المراكز تعتبر هذه الظاهرة نتاجا طبيعيا لسياسات الدولة منذ ما بعد انتصار أكتوبر ١٩٧٣.
فمن الطبيعي ألا تهتم الحكومة بجميع أجهزتها بهذه الظاهرة لأنها مسؤولة بدرجة كبيرة عن الوصول بهؤلاء الشباب إلي هذه الحالة بتوفير دوافع الهجرة غير الشرعية من بطالة وفساد وعدم وجود أي أفق للمستقبل، وعدم توفير حياة كريمة آدمية، فكيف تهتم حكومة - يعتبر وزير الإسكان فيها السيد أحمد المغربي أن بيع أرض مصر لأعلي سعر بالمزاد العلني لمصريين وأجانب لبناء القصور والأبراج دليل صحة وعافية، بينما توفير «المأوي» هو أول حق من حقوق الإنسان - بأسباب كفر هؤلاء الشباب بوطنهم وتمزيق هويتهم؟
لكن لا عذر لمراكز البحوث الاجتماعية فمن يفعل ذلك عشرات الآن وربما يزيدون إلي آلاف وربما يبلغون ملايين، فالحالة تستدعي تشكيل فريق من الباحثين للقاء هؤلاء وتقديم «تقرير للوطن» - وليس للحكومة - عن الأسباب ووسائل العلاج السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
فالحكومة لن تهتم إلا إذا قام ممزقو الهوية بفعل فعلتهم في ميدان عام في روما أو لندن أو باريس أو واشنطن وأمام الفضائيات، وحتي ذلك لن يؤدي إلي اعتراف الحكومة بوجود مشكلة أساساً، ناهيك عن مسؤوليتها، بل سيشرع متحدثها الرسمي ووسائل إعلامها في اتهام هؤلاء بالعمل لحساب دول أجنبية، واتهام دوائر معارضة في الداخل وقناة «الجزيرة» القطرية، بتحريض هؤلاء علي فعل ذلك للإساءة إلي سمعة مصر!، فليس هناك حكومة تعترف بفقد أحد أهم أسس شرعيتها.
في مسرحيته «بكالوريوس في حكم الشعوب»، قدم الكاتب المسرحي الكبير علي سالم حلاً عبقرياً للشعوب للتخلص من أنظمة الحكم الاستبدادية الفاسدة.. ففي جمهورية الديكتاتور «كاباكا».. أخذ الشعب بعضه ومشي من البلد ولم يبق مخلوق واحد فيها، بعدما فقدوا أي أمل في الإصلاح والديمقراطية وحياة آدمية كريمة، وانتهي الحال بـ«كاباكا» إلي مصحة نفسية بسويسرا.
وتحققت نبوءة علي سالم جزئياً، فعدد المصريين بالخارج حسب أقل التقديرات بلغ نحو خمسة ملايين نسمة، وهو رقم يقارب عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي «الست».
وجاءت هجمات «١١ سبتمبر ٢٠٠١» الإرهابية وتقييد الولايات المتحدة وأوروبا الهجرة الشرعية والتشدد في منح تأشيرات الدخول ومحاكاة دول عربية وآسيوية وأفريقية هذه القيود، بما في ذلك أيضاً جهود وزيرة القوي العاملة عائشة عبدالهادي في تحجيم سوق العمل في دول عربية تحت شعار «تقنين أوضاع العمالة المصرية بالخارج».. جاء ذلك ليجهض حل علي سالم وليغلق أبواباً دفعت الآلاف من الشباب إلي الهروب في قوارب وسفن متهالكة متحملين خطر الموت غرقاً في عرض المتوسط أو في الغابات أو الاعتقال في الغابات أملاً في الوصول إلي الشاطئ الآخر.
كما أجهضت هذه القيود أيضاً حلاً قدمه علي سالم في مسرحيته لـ«كاباكا» بأن يتبرع كل زميل ديكتاتوري له بـ٥٠ أو ٦٠ ألف مواطن من شعبه يصنع «كاباكا» منهم «شعب كويس».
حالة «تمزيق الهوية» ربما تكون مسرحية الأستاذ علي سالم الجديدة، فيا عم علي سيبك من حكاية السلام مع إسرائيل فقد افتقدناك كاتباً مسرحياً مبدعاً، ففي الوطن أحداث أهم تستحق الكتابة والحصول علي شهادات بكالوريوس من جامعتك المسرحية في مواجهة حكومات تري الحكم أهم من وجود الشعب نفسه، وتعتقد أن الشعوب زائلة.. أما الحكم فهو اللي باقي!

مين فينا ما هزتهوش أغنية "بحبك وحشتينى"؟ ... كلنا بنحبها ومش قادرين نعيش فيها ... مطلعة عينا وبنحبها موت ... لكن مش قادرين نستحمل نشوفها ماشية فى طريق آخرته معروفة ... مش قادرين نستحمل نقف متكتفين وهى بتغرق ... آه بندور وشنا ... بنغمض عنينا ونتمنى نفتحها على واقع أفضل ... يمكن لو سافرنا نفيدها أكتر ... يمكن نبقى
حاجة نفتخر بعدها اننا من مصر ... لكن طول ماحنا فيها ومش عارفين نبقى حاجة هتفتخر بينا ونفتخر بيها ازاى؟


Around The Corner
Charles Hanson Towne (1877-1949)

Around the corner I have a friend
In this great city that has no end;
Yet days go by, and weeks rush on,
And before I know it, a year is gone,

And I never see my old friend’s face,
For life is a swift and terrible race.
He knows I like him just as well
As in the days when I rang his bell
And he rang mine.


We were younger then,
And now we are busy, tired men;
Tired with trying to make a name
Tired with playing a foolish game,

‘Tomorrow,’ I say, ‘I will call on Jim,
Just to show that I’m thinking of him.’
But tomorrow comes and tomorrow goes,
And the distance between us grows and grows.

Around the corner!— yet miles away
...‘Here’s a telegram, sir.Jim died today.’
And that’s what we get and deserve in the end

Around the corner, a vanished friend.

--------------------------------

I got that telegram today. An old school mate had passed away :(
Whomsoever reads this plz make Duaa for her and her family.

Thursday, August 23, 2007

Picture of ANY two persons fel zaman da!


Friday, August 10, 2007

سائحة فى دنيا الله

"تم بحمد الله افتتاح مكتب سياحة "سائحة فى دنيا الله
http://babyblue-travels.blogspot.com/ للتهانى تلغرافياً على
سمعونا زغرووووطة

Tuesday, August 07, 2007

فاصل من الخواطر والمهاترات

كنت قاعدة من شوية فى أمان الله ... ماوسى ودّانى (ماوسى من الماوس بتاع الكمبيوتر يعنى) على بلوج "عايزة أتجوز"
قريت آخر بوست وياريتنى ما قريت ... بعدها دخلت فى حوار لطيف جداً مع صديقتى العزيزة اللى منتقطش كلمتين على بعض تقريباً لأنى كنت باكتب سيل من الإحباطات والكلمات المخنوقة الملخبطة
المكتئبة ال ال ال

ما علينا ... فيما يلى المختصر الغير مفيد بالمرة للحوار ده
:البداية كانت تعليقاً على الجزء ده من بوست برايد

طب نسيبنا من المرحلة دي....ندخل على المرحلة اللي بعدها...الثلاثين و ما ادراك ما الثلاثين..النظرية بتقول...لمي التعابين بأه و خلصينا..أهو راجل و السلام ..تخلفيلك عيلين تربيهم و تذاكريلهم و هو هيقضي حياته على القهوة أو الكوفي شوب أو على النت و خلاص و توتة توتة و يا دار مادخلك شر
ترد النظرية المقابلة...يعني أصوم أصوم و أفطر على فتحي؟
طب مانا كان قدامي اللي احسن منه و قلت لأوانتوا كنتوا موافقينني..طب مانا كده هاعيش بقية حياتي تعيسة ..يبقى أعيش تعيسة براحتي أتفرج على مسلسل القناة الأولى بدل ماتش الزمالك و ماحدش يسرق مني الغطا وانا نايمة بالليل ولا ياكل الفرخة كلها و يسيبلي الجناحات..والا أروح أقبل واحد يعمل فيا كل الحاجات دي لمجرد اني أشيل التهمة عن نفسي و لا انال الللقب الموعود؟


المختصر بقى بيقول اييه؟
أن زى أى بنت مصرية ... المستقبل قدامى حاجة من اتنين ... هوه فى الواقع طبقاً للعادات والتقاليد المصرية المهلبية الملوخية بالتقلية ... هو مستقبل واحد فقط لا غير ... أما الطريق التانى فهو محض افتراض ... اللى بتمشى فيه بتبقى ماشية على الأشواك زى عبده الله يرحمه
الأوبشن الأولانى: انك تقعدى فى بيت أهلك ايدك على خدك ومستنية العدل
الأوبشن التانى: انك تبتدى تخططى لحياتك زى مانتى عايزاها ... شغل اشتغلى ... علم زيادة ودوسى ... سفر سافرى
فى الأوبشن الأولانى ده بتبقى الواحدة عاملة حياتها كلها ستاند باى ... عايشة فى بيت أهلها ومستنية اليوم اللى هيبقلها فيه بيت بتاعها ومطبخ بتاعها وصالون بتاعها ...إلخ
ولو هي من النوع اللى بتشتغل بس عشان تصرف على نفسها أو تضييع وقت بدون اهتمام حقيقى بالمستقبل المهنى ... تبقى بتقول "امتى ييجى اليوم اللى اتجوز واحد يريحنى من الشغل ده بقى" .. وهكذا ... كل ركن فى حياتها هو مقدمة غير منطقية واستهلال فى بد منه لحياة مستقبلية هى فى علم الغيب ويا ابتدت - بالزواج - يا اما البنت تموت من غير متكون ابتدت الحياة دى أصلاً
أما فى الأوبشن التانى ... فمتتصوريش عزيزتى المرأة البريونية انه اسهل أو أحسن ... قوليلى ليه؟ ... نقووول ليه ... لأن حضرتك الرجل الشرقى عامة والمصرى خاصة والقاهرى بالذات - بلاش أوصل للمدينة نصرى أو الهليوبوليسى - شخصية لطيفة وظريفة ومضروب فى قلبه ونظره دفعة واحدة ... منطقه فى الحياة - وده موضوع سمعته بودانى اللى هياكلهم الدود دول من كذا واحد من الشعب اللطيف ده - أن البنت اللى ليها هدف فى الحياة ... يعنى - حسب تعريفهم المحدود للأهداف - اللى عندها شغل وومستقبل مهنى أو بتاعة علم واهتمام بالدراسة وتنمية نفسها على المستوى الشخصى/المهنى/العقلى تبقى مش بتاعة جواز ... أو مش هتاخد بالها من بيتها ... أو متطلباتها هتبقى عالية ... ما تبقى عالية يا سيدى؟ ايه مشكلتك انت؟ هيا عقد وكلاكيع وللا ايه؟ الرسول عليه الصلاة والسلام نفسه اتجوز السيدة خديجة وكانت أكثر منه فى المال والمكانة اللإجتماعية وفى السن كمان ... حضرتك أحسن منه؟ أكيد لأ ... حضرتك لو بصيت لنجاح الست على أنه الوجه الآخر لفشلها اجتماعيا/زوجيا تبقى أنت اللى عندك عقدة نقص ... معلهش احنا بنتكلم
المحصلة النهائية ... ان مشكلة الزواج فى مصر هى أكبر بكتير من مشكلة سن أو ظروف اقتصادية أو أو أو ... هى - فى وجهة نظرى المتواضعة - مشكلة عقلية ... مشكلة مبادىء ومعتقدات من كلا الطرفين ...ولاد أو بنات

طيب ... ناخد الأوبشن الأولانى ونتركن جنب الحيط لحد ما واحد ييجى ينتشلنا من حياة اللا هوية دى؟ وللا ننطلق ونعيش ونستقل بقى بحياتنا ضاربين بالمجتمع والعادات والتقاليد عرض الحائط (على فكرة ... الحاجات دى حاجة والدين حاجة تانية خااااالص ... لأن العادات والدين مبيتقبلوش فى حاجات كتير ... فممكن جدا أضرب المجتمع والتقاليد بالكوتشى ومخسرش دينى برضه ... والله باحاول) وبرضه قدامى نفس الاحتمال انى أفضل لوحدى للنهاية ... لكن على الأقل هكون عشت الحياة اللى أنا راضياها لنفسى

الشخليلة وللا اليويو؟

Monday, August 06, 2007

بنت من شبرا - الجزء الرابع

طول عمرى عندى ولع خاص بتاريخ الجغرافيا ... أو جغرافية التاريخ ... القصص اللى ورا الأماكن ... قصص ناس عاشت فى البيوت والشوارع والمحلات ... أكيد سابت بصمات ... جزء ليس بيسير من ذكرياتها متعلق زى ذرات الغبار على سطح الأماكن دى ...
وفيما يلى مجموعة خواطر
عن أماكن وأشخاص
شوارع وحواديت
ناس عشت وسطهم
وعاشوا جوايا
حياتهم نفسها
شكلتنى
لونتنى
خلتنى أنا
أتكلم عن شبرا
مسقط رأسى ومهد طفولتى وملعب صباى
لقطات أراها فى خيالى بالأبيض والأسود
زى أفلام الستينات
زى صور أبى وأمى فى شبابهم
ومع ذلك فهى لقطات لها لون وطعم ورائحة
لقطات من زمن تانى
بحس أنه زمن واحدة تانية مش أنا

---------------------------------------------

شبرا يعنى "ماما دعّة" ... جارتنا ... الباب فى وش الباب ... قبل ان أبلغ سن المدرسة كانت تواجه أهلى مشكلة ... اين يتركونى وكلاهما يعمل وسنى أصغر من ان يتركونى فى حضانة؟ ... وكان عرض ماما دعّة هو طوق الانقاذ ... "سيبوها عندى بالنهار وتاخدوها لما ترجعوا " ... وقد كان ... مع اختلاف بسيط ... انى كنت أقضى اليوم بطوله وحتى المساء فى بيت ماما دعّة ... ولا أخرج منه إلا بالضرب ... اسمها مش "دعّة" أكيد ... اسمها "عايدة" ... لكن أنا مكنتش أعرف انطقه ... فككان بيطلع مننى كده : "دعّة" ... كان عندها من الأولاد أربعة ... 3 بنات وولد ... البنتين الكبار متزوجتين ... والولد "بلبل" – نبيل – مهندس حديث التخرج والبنت آخر العنقود "فينا" – نيفين – عايشين مع أمهم ... وكان الأب قد توفى وأنا فى عمر السنتان تقريباً ... ربما هم قد وجدوا فى وجودى بمنزلهم شىء يضفى البهجة على البيت الحزين بموت الأب ... كنت أحب فينا جداً ... فهى الأصغر سنا ... كانت مثل خالتى ... فى نفس عمرها ونفس حسها الفكاهى ... وبلبل كان هارينى تصوير ... كل صورى فى طفولتى تقريباً التقطها هو ... فقد كان يشترى الأفلام حتى يقوم بتصوير مناطق العمل .. صورة أو صورتين ... ثم تتبقى بقية الفيلم كله لى ...
الآن تزوج هو وأخته .... ابنته الكبرى الآن فى السنة الثالثة بكلية الهندسة ... وفينا لها من الأولاد اثنان ... أكبرهما فى الثانوية العامة ... مازلت انظر إلى صورهم وهم يحملون تلك الطفلة الصغيرة اللامعة العينين ... أضحك ضحكة عابثة ... ضحكة ملىء قلبى ... ازاى الكاميرا بتلقط لحظة من الزمن ... ماتكونش أنت نفسك عارف فى اللحظة دى ايه اللى هيحصل فى المستقبل ... هتتجوز مين؟ هيبقى عندك كام ولد؟ ... طب ولما تشوف نفس الصورة دى ... نفس اللحظة دى ... بعد 10 سنين مثلا ... هتكون فين؟ هتكون حياتك وحياة الناس اللى معاك فى الصورة عاملة ازاى؟

شبرا يعنى عم سيد اللبان ... كان بيعدى علينا يوم بعد يوم ... نسمع رنة جرس العجلة المميز تحت البيت ... شوية ونلاقيه طالع بقسط اللبن ... كهل فى الأربعينات ... طويل ... قوى البنية ممتلىء الجسم ... كان يحب يلاطفنى وأنا طفلة .... كان ليا اسم دلع خاص بيه لوحده ... "يا إتش" ... أكيد اسم شيرين كان صعب عليه! ... ولما كبرت شوية ... ماما كانت قد اقتنعت أخيراً ان اللبن السايب غير صحّى ... فصرفت عم سيد من الخدمة ... وتوقف رن جرس العجلة أمام عمارتنا ... لأننا كنا الزبائن الوحيدين له فى العمارة

شبرا يعنى شارع خلاط ... الشارع الخلفى الموازى لشارع مسرة ... فيه محل الفول والطعمية القديم ... مازال موجود حتى الآن ... لكن أنا اللى نظرتى لمحلات الأكل من ناحية النظافة اختلفت تماماً فأصبح من العسير ان اتوقف أمام مثل هذا المحل ... وبعد شارع خلاط وأنت ماشى فى شارع شيرا تلاقى شارع نشاطى ... على ناصيته محل الشوربجى ... محل قديم جداً للملابس وأشياء آخرى مثل شنط المدرسة والأحذية ... هو "بوتيك" بمفهوم الستينات ... يحكى لى أبى ان يوسف الشوربجى... وهو ابن صاحب المحل كان صديقه فى شبابه ... كانا سوياً فى شلة الموتوسيكلات الهارلى ... بابا كان شقى جدا فى صغره ... فى سن السادسة عشر تقريباً كان يمتلك موتوسيكل هارلى دافيدسون ... – يساوى ثروة صغيرة هذه الأيام – وكانت الشلة اياها تتكون من خمسة شباب هو سادسهم ... وله صورة قديمة أخذت لهم أمام بوابة الاسكندرية ... كل واحد واقف جنبه الموتوسيكل بتاعه ... كانت رحلة مجنونة قاموا بها من القاهرة إلى الإسكندرية على ظهر الموتوسيكلات!

وتعدى شارع نشاطى تلاقى شارع فؤاد ... يسمونه "فؤاد الوسطانى" لتمييزه عن شارع فؤاد فى وسط البلد ... شارع فؤاد ده بقى مسقط رأس أبى ... عاش طفولته فى شقة فى العمارة اللى فوق الفرارجى دلوقتى ...الشارع الآن هو سوق خضار عشوائى ... مثله مثل شارع بديع وان كان أصغر حجماً ... لكن بابا بيحكيلى انه زمان كان شارع نضيف ... حتى ان فيه فيللا فى أوله موجودة حتى الآن ... بل ان أحد الورثة قام بتوضيبها وإضافة الإنارة على مدخلها المكون من سور حديدى تم تجديده فاستعادت بعض من رونقها القديم ... وان أصبحت تبدو كقطعة من فيلم أبيض وأسود قطعت ولزقت فى منتصف فيلم من أفلام المقاولات ... حيث عربات الخضراوات والفاكهة تستند إلى سور الفيللا فى مشهد عجيب ... والشارع نفسه يصعب مرور السيارات فيه ... بعكس ما يحكيه بابا عن أيام جدى ... الذى كان يملك السيارة الوحيدة فى الشارع مع سيارة أخرى لا أعرف من كان يملكها ..
كان هذا آخر ما كتبت من ذكرياتى عن شبرا ... لا أعرف حقيقة ان كنت سأكمل الحكاوى أم لا
:لكن دعونى أقول
للحديث بقية إن شاء الله

Thursday, July 05, 2007

بنت من شبرا - الجزء الثالث

طول عمرى عندى ولع خاص بتاريخ الجغرافيا ... أو جغرافية التاريخ ... القصص اللى ورا الأماكن ... قصص ناس عاشت فى البيوت والشوارع والمحلات ... أكيد سابت بصمات ... جزء ليس بيسير من ذكرياتها متعلق زى ذرات الغبار على سطح الأماكن دى ...

وفيما يلى مجموعة خواطر
عن أماكن وأشخاص
شوارع وحواديت
ناس عشت وسطهم
وعاشوا جوايا
حياتهم نفسها
شكلتنى
لونتنى
خلتنى أنا

أتكلم عن شبرا
مسقط رأسى ومهد طفولتى وملعب صباى
لقطات أراها فى خيالى بالأبيض والأسود
زى أفلام الستينات
زى صور أبى وأمى فى شبابهم
ومع ذلك فهى لقطات لها لون وطعم ورائحة
لقطات من زمن تانىبحس أنه زمن واحدة تانية مش أنا
-------------------------------------------
شبرا يعنى عم حمدان ... راجل طويل .. شديد النحافة ... كان بيتهايألى كل سنة بتعدى بتشيل من جسمه شوية ... تجاعيد الزمن حفرت أخاديد عميقة فى وشه الشديد السمرة بحد أصبح معه تحديد عمره الحقيقى شبه مستحيل ... كان على طول لابس بنطلون غامق وقميص من نفس اللون طويل الكمين ألا انه دايما مشمرهم حتى المرفقين ...ويربط شال أبيض حول رأسه على طريقة الصعايدة ... وعم حمدان ملهوش شغلانة محددة ... ألا انه دايما هناك فى شارعنا ... زمان كان بينام فى حجرة صغيرة لا تزيد متر فى مترين وهى ملك عم سيد بتاع القصب بيستخدمها كمخزن للقصب ... ويبدو انه كان بيعطف على عم حمدان ويسيبه ينام فيها آخر الليل ... لكن بيعمل ايه بقى طول اليوم معرفش ... لو كانت كلمة "أرزقى" تطلق على واحد موجود للى محتاجه ... يمسح محل من محلات الشارع ... يساعد فى تحميل بضاعة ... يساعدنى أو يساعد أمى فى حمل الشنط الثقيلة ... أكيد عم حمدان يستحق لقب "أرزقى" عن جدارة.


شبرا يعنى عم عباس الفكهانى اللى مازال بيقعد قدام بيتنا فى شارع مسرة ويحتل مدخل العمارة بأقفاص الفاكهة ... السكان غلبوا شكوى وخناق معاه بسبب عدم نظافة المدخل وامتلائه بالنمل والحشرات ... حتى ان أمى كانت عاملة مقاطعة للمنتجات العباسية بسبب الموضوع ده ... أما عم يحيى بقى ... فده فكهانى تانى ... برضه بيقعد على نفس الرصيف لكن قبل العمارة شوية ... وعم يحيى ظهر فى المنطقة وأنا عندى ييجى 13 سنة كده ... وكان صغير السن ... يعنى أواخر التلاتينات كده ... بشوش الوجه دائم الابتسامة ... وذوق مع كل الناس فكلهم بيحبوه ... وكان أصم ... مبيسمعش ... يظهر انه مولود كده لانه بيتكلم لكن بتقل فى لسانه ... كانت أمى بتحبه قوى ودايما تشترى منه وتعطف عليه ... تتكلم معه بالاشارة ... اشارة بإصبعيها السبابة والوسطى تتبعها اشارة بالسبابة إلى قفص الفاكهة أمامه كانت تعنى 2 كيلو من هذا النوع ... وكان عم يحيى خدوما ... لو يوم شاف أمى أو أنا شايلين حاجة تقيلة يجرى ياخدها ويطلعهلنا لحد باب البيت ثم ينزل جرى قبل ان نستطيع حتى ان نقول "شكرا" ... أتعجب من مثل هذه الشخصية ... شهامته و"جدعنته" ... ابن بلد صحيح ... فى زمن هجر أهله البلد نفسها من زماااااااااان .... اتذكره عندما يقوم عامل النظافة فى عمارتنا بمدينة نصر بحمل الأشياء لأمى – فى "الأسانسير كمان – ثم يقف متطنطعاً أمام الباب حتى يأخذ ثمن "الشاى
شبرا يعنى مدبولى قاسم ... ولو متعرفش مين مدبولى قاسم تبقى أكيد مش شبراوى ... أشهر محل آيس كريم – جيلاتى – فى شبرا ... الناس عنده أمم بالليل ... مع أنه مبيعملش جيلاتى عجبة يعنى ... آيس كريم عادى جداً ... مكرم أو عزة أو جيلاتى لبنان فى الإسكندرية أحشن منه مليون مرة ... بس الناس فى شبرا اتعودت عليه كجزء من التمشية الليلية اليومية ... كنت أنزل مع أمى أو مع أبى ... ابداً مش مع الاتنين ... معرفش ليه بس كان دايماً يا دى يا ده ... تاخد الشخليلة وللا اليويو؟ ... المهم ... نتمشى لحد السوبر ماركت فى شارع يلبغا – اسم عجيب آخر من أسامى شبرا - ... زمان كان سوبر ماركت ايدج مارت ... قفل وفتح مكانه وحتى الآن أولاد رجب .... نشترى البقالة ثم نقاتل وسط جحافل مريدى جيلاتى مدبولى قاسم للحصول على كوون الجيلاتى ... ثم نآخذ طريق العودة ... نمر ببائع الذرة المشوية أمام جراج مدرسة التوفيقية فنشترى 3 كيزان ذرة لأسرتنا الثلاثية ... ودمتم ... انتهت الليلة ولازم ادخل أنام عشان أصحى بدرى عندى مدرسة الصبح ..

والصحيان فى شبرا مختلف ... فهو مصحوب بصوت بائع الفول والبليلة اللى بيعدى الصبح بدرى بندائه المميز "ايوه الفول والبليلة السوخننننة " ... يتبعه صوت السلام الوطنى القادم من مكبرات الصوت لمدرسة التوفيقية التى تستطيع لمحها من بعييد من بلكونتنا فى مسرة حيث لا يحجبها عنا سوى صف من المحلات المنخفضة الارتفاع
ومن ضمن خليط الأصوات العالق بذاكرتى عن صباح كل يوم فى شبرا .. المقدمة الموسيقية المميزة لبرنامج الشرق الأوسط اللى كان فيه مذيع ومذيعة بيكلموا بعض .. "صباحك معطر" ... "مزهزه منوّر" .... يتخللهم قطع موسيقية زى أغنية فرقة رضا "الجنة فى أرضنا ... حلاوة ... حلاوة ... حلاوة شمسناااا" ... وتنهيها المذيعة بالجملة الشهيرة "بصبح عليك" ... ياه ه ه ه ... إزاى أشياء بسيطة قد لا تعنى لك أى شىء فى وقتها ... مثل البرنامج ده ... تتحول إلى جزء لا يتجزاء من ذكرياتك ... لون من ألوان صورك القديمة ... رائحة تشمها وتتغلغل فى كيانك كلما تذكرت تلك الأيام؟

على ذكر بياع البليلة وطعم الذكريات... ليالى الشتاء فى شبرا لها طعم البليلة السخنة ... كنت أمسك السلطانية أتدفى فيها لغاية متبرد شوية وأقدر أكلها ... ونفس الليالى لها طعم أغنية ... أغنية قديمة تنبعث من المسجل الصغير بحجرة نومى ... وفى دفء الدفاية الكهربائية الصغيرة ينبعث صوت عبد الحليم ... "فاتت جنبنا فاتت ... أنا وهو" ... مش عارفة ليه الليلة دى بالذات فاكراها كويس ...

نرجع لموضوع الصحيان بدرى ... طقوس الصباح فى بيتنا لم ولا تشمل وجبة إفطار ... أنا أصحى بالعافية قبل جرس المدرسة بنصف ساعة وأهرول فى كل الاتجاهات ألتقط مكونات اليونيفورم المختلفة ... القميص الأبيض ... "بابا كاواهولك آهوه" ... الكرافتة ... "ماما, فى شراب نضيف؟ " ... والجزمة ... "مش قلتلك تلمعيها من بالليل؟" ... كل يوم نفس الحوار ... ماما بقى بتنزل قبلى تلحق الباص بتاع الشغل ... وبابا براحته ... آخر واحد بينزل ... عشان كده مفيش مجال ان أى حد فينا يفطر أو يفكر فى الأكل أصلاً وسط المعمعة الصباحية دى ... كنت باكتفى بالسندويتشات اللى أمى بتعملها ... ده فى الأيام العادية ... أيام "الدوام" زى مبيقولوا فى دول الخليج ... أما يوم الجمعة بقى فده ليه طقوس مختلفة ... لازم البخور الصبح بدرى ريحته تصحينى على آلام جيوبى الأنفية المتهيجة ... لكن كنت برضه بحبه ... بعتبره جزء من روح يوم الجمعة ... ثم طقوس تحضير الفطار ... فول وطعمية وبيض وساعات بصل أخضر ... وبعدين بابا يقعد فى كرسيه الهزاز يقرأ الجرنال مع كوباية الشاى باللبن – "الشوب" زى ما كان ينده على ماما فتتوجه إلى المطبخ لتحضيره

شبرا يعنى كنيسة العدرة مسرة – السيدة العذراء ... لكن الناس حدانا بتنطق الاسم كده – كنت أصحى كل يوم أحد (إجازتى الاسبوعية) على صوت دقات أجراسها ... اتعودت عليه ... وكل ما بسمع جرس كنيسة دلوقتى افتكر شارعنا وأشم رائحة صباح الأحد فى بيتنا ... والست اللى ساكنة تحتينا ... أم خلف – الله يرحمها – كانت تشغل القداس ... مش عارفة كان راديو وللا كاسيت ... صوته كان بيوصلنا من شباك كبير فى وسط الصالة كان يطل على باحة خلفية لشقتها – هى فى الدور الأرضى وإحنا فى الدور الأول - ... كانت روح حلوة فى شبرا ... ناس تشغل قرآن ... ناس تشغل قداس ... وكله عايش ومتعايش مع كله .... عمرنا ما سمعنا كلام من نوع: ده مسيحى وده مسلم ... كل واحد فى حاله ومفيش غير الجيرة الحلوة والعشرة الطيبة ... نفس الجيرة اللى تسأل عليك لحد دلوقتى ويهمهم أخبارك ... ولو زرت شقتك القديمة يبعتولك الحاجة الساقعة ترحيباً بيك ... ويفضلوا يسألوا "مش عايز حاجة؟ " ... "مش محتاجين مساعدة؟" ... فين ده من عمارات مدينة نصر ... بقالى فيها 3 سنين ومعرفش حد من الجيران ولا حد منهم يعرفنى ... ويبقى كتر خير الدنيا لو حد بص فى وشك فى الأسانسير وأنتو نازلين سوا وقالك صباح الخير! ... مع ان الزمن هو الزمن والبلد هى البلد ... لكن فى المعاملات الانسنية تفصلنا قرون وقرون طويلة عن حياة شبرا

وشبرا يعنى أم سناء ... جارتنا التانية اللى فى الدور الأرضى برضه ... الشقة المواجهة لشقة الست أم خلف ... بحيث تشكلان ثنائيا متناغم الثقافة وأسلوب الحياة ... فكلتا المرأتان صعيديتان ... وان كان لكل منهما قصة مختلفة ... الست أم سناء صعيدية جدعة ... تزوجت من الشاويش مكرم فى سن صغيرة ... راجل طيب وفى حاله زى مبيقولوا ... مات قبل ان نترك شبرا بحوالى 5 سنوات ... والست أم سناء جابت منه 3 بنات وولد ... أكبرهم سناء وأصغرهم رانده التلى كانت فى مثل عمرى تقريباً ... والولد هو مشمش ... كان هذا اسمه وظل كذلك حتى بعد زواجه ... اسمه الأصلى "شفيق" على اسم جده لأبيه ... لكن كما هو الحال مع معظم المصريين ... كان اسم الدلع "مشمش" هو المتعارف عليه حتى ان كثير من الجيران لا يعرفون اسمه الحقيقى إطلاقا
والست أم سناء يا عينى الزمن قضى عليها تماماً ... قليلة الحجم شديدة النحول بشكل مثير للشفقة ... تعانى من ربو مزمن ... تدفع العائلة البسيطة مبلغ غير زهيد ثمناً للبخاخة اتى تلازم يديها المعروقة المرتعشة ليلاً ونهاراً ... وفى أيام الصيف الحارة ... تجد الست أم سناء ... وربما بعض أفراد عائلتها التى ازدادت مع الأيام بوجود أزواج وزوجات الأبناء وعدد كبير من الأحفاد ... تجدهم يجلسون بجوار مدخل العمارة طلبا للهواء وهربا من الشقة التى بلا نوافذ أو بلكونات ...

وبلكونتنا إحنا الخلفية تطل على ساحتين بيننا وبين العمارات الخلفية ... ساحة تملكها الست أم سناء ... وساحة تملكها الست أم خلف ... وكلتا الساحتين تحولتا بفضل جهود السيدتان الصعيديتان إلى حظيرتين للدواجن ... فباعتبارهم صعايدة ... تعودوا على أكل البيض البلدى الصابح ... ولما الفراخ تكبر يدبحوهم وياكلوهم ... فراخ بلدى طازة ... ويشتروا كتاكيت جديدة يربوها ... وهكذا.

أما الست أم خلف ... فدى بقى ليها قصة ولا الأفلام العربى ... صعيدية هى برضه ... كما تشبه الست أم سناء جسمانياً ... نفس النحول الشديدة والبنية الضعيفة ... وبرضه اتجوزت فى سن صغير جداً ... لكن حدثت مشكلة خطيرة ... فزوجها قتل فى قضية ثأر ... واضطرت الست أم خلف تهرب فى جنح الليل بابنها الرضيع إلى القاهرة ... خوفاً عليه من ان يقتل ايضاً مثل أبيه ...
وعاشت أم خلف فى الشقة اللى تحت دى ... بمفردها ... قاطعة جميع صلتها بأهلها ... وكبر خلف ... وهاجر ايطاليا ... وبقى صاحب مطعم هناك ... اتجوز ايطالية جاب منها بنت كانت تقريباً فى مثل عمرى ... وخلف كان يزور أمه كل فين وفين ... ومرة ... وأنا عندى حوالى 15 سنة ... رجع خلف فى زيارة طويلة ... واتخانق مع أمه خناقة جامدة ... لأنه كان بيبعتلها فلوس عشان تجدد الشقة ورجع لقاها زى ما هى ... والفراخ زى ما هى ... كان عايزها كمان ترمى الفراخ اللى كانت بتربيها وتنضف المكان ...
خلف ده أنا عمرى ما شفته ... لكن تخيلته ضخم الجثة غليظ الملامح ... لأنه صوته كان شديد الغلظة عالى النبرات ... كنا تقريباً بنسمع كل كلامه مع أمه ... وكان عنده عادة سيئة جداً ... كان بيشتم طول الوقت ... يقول لأمه "يا بنت ..." ... والعجيب أنه كان بيكمل الجملة بكلام حنين مثل "قلقانى عليكى" ... وهى كانت تبكى بصوتها الضعيف الأقرب إلى النواح وتقول له "متسبنيش" ... ماتت الست أم خلف بعد أقل من سنة من الكلام ده ... والشقة دلوقتى فاضية ... محدش بقى يسمع صوتها المبحوح وهى بتنده على بنت أخوها اللى ساعات كانت بتقعد معاها ... تنده بلهجتها الصعيدية وبنغمة مميزة "يا بت يا مونننننننييييييييى" ... أو صوتها وهى بتشتم الفراخ وتزعقلها ... كانت دى تسليتها الوحيدة فى وحدتها ... الصراحة عمرنا ما اشتكينا منها غير أن الفراخ كانت ريحتها مضيقانا ... وكمان أمى كانت تقول أن عنيها وحشة ... حسودة يعنى ... أنا فاكرة انها فعلاً كانت لما تبص تدقق أوى فى الحاجة أو فى الشخص اللى قدامها ... كنت باحس انى عايزة اطلع أجرى من قدامها ... لأ ... أنا فعلا كنت بطلع السلم جرى لو يوم لقيتها واقفة على باب شقتها ... لكن تعاطفت جداً مع قصتها ... قصة خلف ... وأم خلف
البقية فى الحلقة القادمة بإذن الله

Saturday, June 30, 2007

هدية ... فى عيد ميلادى

الثلاثون من يونيه
يوم مثل كل الأيام
يوم عيد ميلادى
وحتى هذا لا يعد سبباً كافياً ليجعله يوماً مميزاً
أقضيه كبقية الأيام
قد أتوقف قليلاً فانظر لما كان من حياتى الماضية
واتساءل عما تراه يصير بحياتى القادمة
ثم إن اليوم ينتهى كما بدأ
كما يبدأ وينتهى أى يوم
وكل يوم
قليل من الشجن وكثير من الأمل
أمل فى غدٍ أفضل
فى شعور أفضل
فى "أنا" أفضل

لكن الثلاثون من يونيه هذا العام كان مختلفاً عن كل عام ... برغم من بدايته الأكثر من عادية ... بل برغم من بدايته السيئة نسبياً ... فقد خرجت من المنزل ومقصدى الأكاديمية ... فقد استعوضت الله فى يوم هادىء والاحتفال بعيد ميلادى مقابل قضاء اليوم باكمله فى تلقى المحاضرات ... أدرت محرك السيارة ... لا شىء ... اختارت سيارتى العزيزة يوم رائع لتضرب عن العمل ... قضيت نصف ساعة فى محاولات عقيمة لإدارتها حتى فقدت الأمل فتوجهت إلى ناصية الشارع لآخذ تاكسى ... طريق طويل من مدينة نصر إلى المهندسين ... الحرارة مرتفعة ونوافذ التاكسى لا تسمح بدخول هواء كافى ... ظننت انه بوصولى إلى الأكاديمية تنتهى المعاناة ... لكنى استيقظت من أحلامى على صوت فرملة قوية مع اندفاعى إلى الأمام ثم إلى الخلف مع اصطدام التاكسى بتاكسى آخر ظهر بالعرض أمامنا فجأة ... نزل السائق متجهم الوجه ... مصدوم ... إلا أنه – ولله الحمد – خيب توقعاتى فلم يتشاجر مع السائق الآخر ... ولكنه مضى يتفحص مقدمة سيارته بضيق شديد مما أنبأنى بفداحة خسارته ... أيقنت أنه لن يكمل بى مشوارى ... و على العموم كنت على مسافة قريبة من مقصدى فترجلت ونقدته أجره الذى كنت اتفقت معه عليه قبل الركوب وبالرغم من كونه أكثر مما يستحقه المشوار إلا أنى دفعته عن طيب خاطر تعاطفاً مع ما أبتلى به من خسارة ..

مضى اليوم الأكاديمى كالمعتاد ... بثقله وسخافته وصعوبته ... وخرجت من الأكاديمية وقد خيم الليل ... قررت أن استقل المواصلات العامة بدلا من التاكسى ... أحياناً أشعرباستعداد نفسى كبير للتحرك بالمواصلات العامة – أعنى الأتوبيسات - ... التواجد وسط الطبقات الكادحة التى اتخذت من هذه المركبات وطناً ... وطناً ليس بأحسن حالاً من هذا الوطن ...يدعونى إلى التأمل ... وراء كل وجه قصة شقاء وألم ... لا أعرف هل هذا الوجه استسلم لضغط الأوضاع السيئة لأيامه المتشابهة أم تعلو ذاك الوجه لمحة أمل فى مستقبل أفضل للطفل الذى يضمه اليه؟

ركبت مينى باص متوجه إلى رمسيس ... علبة سردين مكدسة بالبشر ... لا أحد يتأفف ... لا أحد يبدى إمتعاضه ... حقيبتى الكبيرة تخبط هذا فى كتفه ... وأدوس بالرغم عنى على قدم تلك ... لا أحد يتأفف ... لا أحد يبدى إمتعاضه ... فكلنا فى علبة السردين سوياً ... تزيح قدمك لتسمح لأحدهم بوضع قدمه ... أحدهم يحرك يديه مفسحاً لك رقعة من سطح الكرسى لتتخذها مسنداُ ... حوار صامت من الايماءات ... أنا أتفهم موقفك ... لم يحدث شىء ... ضع يدك هنا ... حوار صامت مضمونه بسيط : كلنا نعانى ... لذا فكلنا نتحمل ونتحامل على بعض.
أنزل فى رمسيس ... أقف برهة قليلة من الوقت ثم ما يلبث الباص المتوجه إلى مدينة نصر أن يصل ... على عكس الباص السابق ... لا أحد يقف ... وهناك مكان فارغ بين شابين على الكنبة الخلفية ... جلسة غير مريحة إطلاقاً ... هناك سيدة تجلس فى طرف الكنبة ومعها بنت وولد دون العاشرة ... وبنت أخرى أكبر منهما ببضع سنين ... كانت تقطع التذاكر عند صعودى ثم عادت إلى أمها تخبرها أن سعر التذكرة موحد – يبدو أن الأم أرادت أن تقطع نصف تذكرة للطفلين - ... نظرت إلى التذكرة فى يدى ... 110 قرش ... ما هذه السخافة؟ لماذا 10 قروش فوق الجنيه؟ أظن ما عاد هناك أحد يحمل هذه الفئة بعد! ... ثم أن ليس لها قيمة ... وفى الغالب ستجد أن السائق لا يملك "فكة" فتصير 125 قرش ... 15 قرش تبرع من المواطن لشركة النقل! ...
نزل راكبين من مقدمة العربة فجلست الفتاة – قاطعة التذاكر – على أحد الكرسيين ... انتهزت الفرصة لأتخلص من جلستى الغير مريحة وانتقلت بجانب الفتاة

مضت فترة طويلة ثم التفتت الفتاة إلىّ وسألت بصوت واثق يتعدى سنوات عمرها: "من فضلك, فاضل قد ايه على مكرم عبيد؟" ... نظرت فى ساعتى ... "حوالى تلت ساعة" ... ثم فكرت ان ألاطفها فابتسمت مضيفة "وراكى ميعاد؟" ... قالت بنفس الثقة السابقة لسنها "لازم اتصل أصحّى بابا ... عنده شغل" ... ابتسمت وأدرت وجهى معلنة نهاية الحديث ... لكنها استمرت "حضرتك اسمك ايه؟" ... رغم اندهاشى لجرأتها إلا أن شىء ما فيها جعلى أرغب فى مواصلة الحديث ... ربما هى عينيها البراقتين اللتان تفيضان ذكاءاً لا تدل عليه قلة حجمها ولا صغر سنها وخاصة ليس مستواها الاجتماعى ... أعطيتها الاسم وسألتها بالمثل ... "وفاء ... وبيقولولى بسنت" ... رأت نظرة التعجب فى عينى من مدى التباعد بين الاسمين فأومأت برأسها متفهمة وهمت بالايضاح ... لكنى بادرتها "حد كان عايز يسميكى وفاء وحد تانى كان عايز بسنت؟ " ... هزت رأسها موافقة ... ابتسمت وقلت مداعبة "ومين اللى كسب فى الآخر؟ بابا وللا ماما؟" ... ابتسمت ابتسامة وقورة تليق بنضوج عقلها الواضح وقالت "بابا" ... سكتنا فترة ثم فاجأتنى "الحكزمة دى مبهدلة قوى" ... قلت باستغراب "ليه بتقولى كده؟" ... "باعوا كل حاجة للشركات الأجنبية ... كل المواصلات ... واحنا اللى تعبانين فى كل ده" ... تذكرت التذكرة ذات ال 110 قرش ... أكملت بلهجة من يعى فعلاًََ ما يقول "زمان مكناش كده ... حتى الفول والطعمية ... الفول كان بتعريفة ... شوفى دلوقتى بقى بكام ... القمح كنا بنزرعه ... دلوقتى ما بنزرعش حاجة ... بنستورد قمح من بره" ... كانت صورتى الآن كما فى أفلام توم وجيرى ... عيناى جاحظتان قد خرجتا من مقلتيهما وأذناى كبرتا وتحولتا إلى سماعتين على شكل بوقين كبار وتدلى لسانى كالسجادة على الأرض ... داريت هذا كله فى عقلى الباطن وسألتها "انتى فى سنة كام؟" ... "أولى إعدادى" ... ردت لى السؤال "انتى جاية من الجامعة؟" ... "ايوه ... انتى بقى ساكنة فى مدينة نصر؟" .. "لا أنا مش من هنا خالص ... من الجيزة ... لكن جاية هنا زيارة" ... "منين من الجيزة؟" ... "حتة اسمها الصفط" ... تعرفت على الاسم ... منطقة من عشوائيات الجيزة ... تعجبت من وعيها ونضوجها برغم من تواضع حالها ... رغبت أن اتعرف عليها أكثر ... تذكرت أمراُ فسألتها "وعايزة تصحى باباكى ليه؟" ... "عشان يلحق شغله ... بيشتغل فى هيلتون" ... توقعت أن يكون بواب أو عامل نظافة ... إلا أنها أنبأتنى بشىء من الفخر "شيف" ... داعبتها "ياااه ... مش باين عليكى الأكل يعنى! بابا مش بيعملكوا أكل وللا ايه " ... هزت رأسها بالنفى بشىء من الشمم وبلهجة من يطلع طفل صغير على حقيقة خفية "لاااا ... إحنا صعايدة" ... "آه ... يعنى الراجل ميطبخش؟ ... طب ماما بتطبخ حلو زى بابا؟" ... "هزت رأسها مرة أخرى نافية بابتسامة "لا ... بابا ده درجة أولى" ... أعجبنى حبها الواضح لوالدها واعتزازها به وافتخارها بمهنته ... سألتها "وانتى بقى عايزة تبقى ايه لما تكبرى؟" ... نظرت إلى الأسفل بنوع من الخجل وقالت "هتقولى عليا بحلم" ... قلت مطمئنة "ليه؟ كل شىء جايز ... مين عارف!" ... فأكملت "أنا صوتى حلو .. مش أغانى وكلام من ده .. لأ ... بحب أقرأ قرآن ... بالذات سورة مريم ... أصل أنا ليا خال اسمه رجب .. كان عايش فى السعودية فترة ... وصوته جميل قوى ... لما يقرا تحسى البيت بيتهز كده من جمال صوته ... بالذات سورة مريم وسورة يوسف ... أنا بقى عايزة أبقى عالمة دين وعالمة فضاء فى نفس الوقت" ... برغم من ان كلامها يبدو ساذجاً إلا أنى تمنيت من كل قلبى أن أراها يوماً كذلك ...
سألتنى عن مجال دراستى ... وجدت صعوبة شديدة فى شرح معنى "برمجة" لها ... قالت ببراءة "يعنى زى المذيعين؟" ... ضحكت وسألتها "استخدمتى كمبيوتر قبل كده؟" ... وشعرت بالخجل عندما رأيت لمحة الحزن وتعبير وجه يقول "منين؟"! ... فأردفت بسرعة "مش عندكو فى المدرسة كمبيوتر؟" ... لم تتغير لمحة الخيبة فى وجهها وهى تقول "آه ... بس همّا مهملين فينا قوى فى المدرسة ... مبيدوناش حاجة" ... ثم انطلقت قائلة "أنا باخد دروس فى كل المواد ... ما عدا الانجليزى ... نفسى اتعلمه ... بقراه لكن مبفهمش حاجة ... نفسى حد يعلمنى لكن كله عايز فلوس ... كل اللى يهمهم فى المدرسة الفلوس الفلوس" ... لم أستطع أن أرد عليها ... لكنها أعفتنى بسؤالها "انتى معاكى لغات؟ " ... "آه ... انجليزى" ... "طب تعرفى تعلميه؟" ... شعرت انها تريدنى ان أعلمها ... لكن هذا مستحيل .. ان لم يكن لعدم قدرتى على التدريس وانشغالى الدائم فلأننا نعيش فى عالمين بعيدين كل البعد وصعب أن نتلاقى ... لكنى وودت جدياً أن أساعدها ... قلت لها "تعرفى ... فى المدرسة ناس كتير كانوا ضعاف فى الانجليزى رغم اننا كنا مدرسة لغات ... عشان كانوا بيكرهوا المادة ... لكن أنا كنت بحبها ... كنت أجيب قصص وأقعد أحاول أقراها .. أجيب قاموس وأحاول أفهم معانى الكلمات" ... فوجئت بها تسأل "يعنى ايه قاموس؟" ... برغم خيبة أملى ... ليس فيها ... بل فى نظام تعليمى غير عادل ... يصعب فيه على أمثالها ممن يرغبون حقاً فى العلم أن يحصلوا عليه لا لشىء إلا أنهم ولدوا فقراء ... داريت خيبة أملى عنها وشرحت لها معنى "قاموس" ... قلت لها "هاجيبلك قصص صغيرة وقاموس ... حاولى ... وإنتى وشطارتك ... مفيش حاجة صعبة طالما بنحبها وعايزينها" ... كلام إنشاء؟ لا ... رغبت أن أعطيها أمل ... أن أحثها على أن تصنع نفسها بنفسها ... أعرف أنها مميزة ... وتمتلك قدرة خاصة ... وددت لو طالت جلستنا وتكلمت معها أكثر ... لكن محطتى اقتربت ... أخرجت ورقة وقلم وبسرعة خطيت عليها رقم تليفونى واسمى وقلت لها "كلمينى كمان كام يوما ونتفق أوصلك الكتب إزاى" ... نزلت من الباص وعلى وجهى ابتسامة عريضة ...
كم أتمنى ان تكلمنى فعلاً

هذه الحادثة البسيطة ... لقائنا ... كان أجمل هدية تلقيتها يوماً فى عيد ميلادى ... غير أن عدداً آخر من الأحداث كان ينتظرنى هذه الليلة أدخل سعادة شديدة على قلبى ايضاً

أولهم كان مكالمة هاتفية من صديقتى العزيزة المغتربة فى أمريكا ... كنت أعرف انها ستتذكر عيد ميلادى فهو يوافق عيد ميلاد والدتها ايضا ... فكنت أنتظر اتصالها ... إلا ان ذلك لم يقلل أبداً من مدى سعادتى بسماع صوتها فى هذا اليوم ... كل سنة وانتى معانا فى مصر ان شاء الله

الحادث الثانى كان أغنية تلقيتها على المحمول وأنا فى الباص اياه .. أغنية "عقبالك يوم ميلادك" بصوت عبد الحليم ... أغنية راقية من زمن الفن الجميل تليق بالذوق الراقى المرهف لمرسلتها
Yomnita mi amor, te quiero mucho … tu es muy simpatica :)

الحادث الثالث ... والذى حرك مشاعرى بشدة ... كان عندما رن جرس الباب فى الحادية عشر مساءاً وفتحته لأجد اثنتين من صديقاتى لم أرهما منذ زمن ... انشغلنا كل فى عملها حتى اقتصرت علاقتنا على مكالمة تليفونية ربما كل بضعة أشهر ... وهناك أصدقاء تبقى فى القلب مهما كان الفراق والبعد الزمنى أو المكانى ... حتى لو انقطع السؤال ... هناك جزء منك يعرف بيقين تام أن الآخر يفتقده ويحمل ذكريات كثيرة عنك فى قلبه ايضاً ... وجدتهما تحملان باقة جميلة من الزهورومعها كارت صغير رقيق الكلمات على الرغم من بساطتها .. "كل سنة وأنت أجمل شيرين فى الدنيا كلها ... وحشتينا قوى"

حان وقت النوم الآن
أنام وأنا راضية
الحمد لله على كل نعمه
العيشة المنعمة
الأكل والملبس والمسكن
السيارة والتكييف والدش واللاب توب والموبايل
فغيرى لا يملك 110 قروش
ليذهب إلى عمله فى باص مكدس وجو خانق

أنام وأنا أحلم بوفاء/بسنت
ترى هل أراها يوماً فى التليفزيون
عالمة فضاء تتحدث الانجليزية بطلاقة؟

أنام وأنا راضية
الحمد لله على نعمة الأصدقاء
أصدقاء يتذكروننى لو انشغلت عنهم
يثقون فىّ ولوبعدت عنهم
يعطوننى الكثير ولو أعطيتهم القليل
وأهم من ذلك كله
يتقبلوننى كما أنا
ولأنى أنا
وهو شىء ليصعب
حتى علىّ أنا

Friday, June 29, 2007

بنت من شبرا - الجزء الثانى

طول عمرى عندى ولع خاص بتاريخ الجغرافيا ... أو جغرافية التاريخ ... القصص اللى ورا الأماكن ... قصص ناس عاشت فى البيوت والشوارع والمحلات ... أكيد سابت بصمات ... جزء ليس بيسير من ذكرياتها متعلق زى ذرات الغبار على سطح الأماكن دى ...

وفيما يلى مجموعة خواطر
عن أماكن وأشخاص
شوارع وحواديت
ناس عشت وسطهم
وعاشوا جوايا
حياتهم نفسها
شكلتنى
لونتنى
خلتنى أنا

أتكلم عن شبرا
مسقط رأسى ومهد طفولتى وملعب صباى
لقطات أراها فى خيالى بالأبيض والأسود
زى أفلام الستينات
زى صور أبى وأمى فى شبابهم
ومع ذلك فهى لقطات لها لون وطعم ورائحة
لقطات من زمن تانى
بحس أنه زمن واحدة تانية مش أنا


شبرا ... يعنى سينما شبرا بالاس اللى لسه عليها أفيش آخر فيلم عرضته قبل ما تقفل ... كما هو واضح فى الصورة ... أفتكر وأنا صغيرة كانت دايما تعرض أفلام أميتاب باتشان ... ومرة سمعت نبيلة عبيد بتحكى عن طفولتها فى البيت المجاور لسينما شبرا بالاس ... بتقول كانت تقف فى البلكونة تتفرج على الأفلام فى الصيف ...
دلوقتى السينما مهجورة مش عارفة ليه ... غالبا عليها قضية كالمعتاد فى مثل هذه الحالات


شبرا يعنى عم حسنى الخردواتى اللى تحت بلكونتنا ... بسماجته المعهودة وابتسامته الصفراء المتزلفة ... وابنه أشرف اللى الحمد لله لم يرث عنه الصفات الغير حميدة دي ... كنت أنزل السبت وأفضل أنده "أشرررررف" لحد ميطلع من المحل "اتنين حاجة ساقعة" ... وساعات نكلمه فى التليفون لما سمعه يتقل وميعبرنيش ... كنت بقول ان ده كان محل خردواتى ... وكلمة خردواتى دى كلمة منقرضة ... أراهن ان محدش فى الجيل بتاعى ده سمع عنها ... الخردوات هو محل فى ظاهره مثل كشك السجاير ... حلويات وسجاير وحاجة ساقعة ... لكن فى باطنه هو محل "بتاع كله" ... يعنى لعب أطفال تلاقى ... شاى ... كبريت ... ورق تواليت ... حجارة قلم ... كراريس وأقلام ... كل ده فى محل 6*4 متر وللا حاجة! ... وفى فترة من الفترات ... أشرف قرر يوسع البيزنس بتاعه ... فاشترى ماكينة تصوير مستندات ... وقرر أنه يلزمنى أصور عنده كل ورق الدروس فى ثانوية عامة ... أنا وصحباتى كمان





... شبرا يعنى عم سيد بتاع القصب اللى على رصيف بيتنا ... وابنه اللى مربى دقنه شبرين ومقصر الجلابية تلات أشبار أقصر من مريلتى بتاعت حضانة, ودائم الشجار مع خلق الله



شبرا يعنى أسماك الدوران ... والعربات الفارهة ل"علية القوم" زى مبيقولوا اللى كانت تبتدى تزوره ابتداء من الواحدة بعد منتصف الليل ... حتى ان إحدى الإشاعات كانت بتقول ان رئيس مصر المقبل نفسه كان بيتعشى هناك!

شبرا يعنى سوق روض الفرج ... اللى تم تخليده إلى الأبد فى فيلم عادل إمام المشهور "سلام يا صاحبى" ... نقلوه من زمان سوق العبور ... ومفضلش منه دلوقتى غير بوابته الحمراء المميزة وتحولت بقية المنطقة إلى مركز ثقافى ومركز إطفاء وجنينة مقفولة ممنوع دخول المواطنين إليها حرصا على نظافتها!!!

شبرا يعنى قهوة سان ستيفانو اللى قبل سينما شبرا بالاس ... واللى واضح – لأنى مكنتش أوعى للموضوع يعنى – أن أبى العزيز كان مقيم فيها مع صديق طفولته عمو ألفونس اللى كان شكله بيفكرنى بالفنانين البوهيميين بسوالفه الطويلة والبيريه على دماغه زى موضة السبعينات ... بقول واضح ان أبويا كان ملازم القهوة كل ليلة لدرجة أن نوتة تليفونا كان فيها نمرة القهوة ... عشان أمى لما تحب تعملله – أبويا – استدعاء ... طبعا كان الموبايل ده خيال علمى وقتها ... والقهاوى فى شبرا دى بقى موضوع تانى ... شارع الترعة لوحده فيه ييجى 15 قهوة ... زمان كان بيقعد عليها الرجالة الكبار ... يدردشوا ويلعبوا طاولة مع كباية شاى ... زى بابا وعمو ألفونس كده ... لكن دلوقتى بقت مليانة شباب ... كل واحد قاعد وحاطط الببرونة اللى اسمها شيشة دى فى بقه وبيرضع ... حاجة تقرف!

شبرا يعنى مهنة منقرضة ... يمكن جيلنا ميعرفهاش قوى برضه ... اسمها "الرفا" ... والرفا هو راجل (غالبا كبير فى السن ولازم يكون لابس كعب كوباية) قاعد فى محل هو متر فى نص متر لا أكثر ... آسفة ... هو فى الحقيقة قاعد على كرسى خشب برة المتر فى نص ... لأن المساحة دى بتكون مليانة مجموعات مكدسة من الهدوم المتطبقة والمرصوصة كيفما اتفق فى أى مكان ممكن ... ومهمة الراجل ده بسيطة قوى ... انه "يرفى" أو "يخيط" الأجزاء المقطوعة أو المفتوقة من الهدوم ... والعجيب ان المهنة دى منتشرة بكثرة فى شبرا ... أم هى صدفة أن حوالين بيتى فقط أقدر أوريلك تلات محلات رفا مختلفة؟ ... وبالرغم من ان مهمة الرفا موجودة بشكل ضمنى فى محلات الخياطة لكن وجودها بالصورة المستقلة دى مشفتوش ابدا غير فى شبرا

شبرا يعنى شارع خلوصى (خلوصى بك) اللى فى يوم من الأيام كان شارع عادى ... مفيهوش غير كام محل ... منهم محل "تاتش" بتاع الهدايا اللى كنا بنجيب منه كل هدايا أعياد الميلاد فى المدرسة ... ومنهم محل ألبان الجامعة اللى كان بابا بيركن فى الشارع اللضيق اللى جنبه وينزل يجيبلنا كيلو اللبن المعتاد وعلب الزبادى وبرطمان العسل الأبيض ... ثم فجأة اصبح شارع خلوصى الشانزليزيه بتاع شبرا والمركز التجارى الأول بالمنطقة بمحلات الملابس الكبيرة زى "سانتا لوتشيا" و"راجز" ومحل "سرور" اللى كنا بنسميه "شرور" عشان أسعاره كانت مرتفعة .... طبعا دلوقتى الأذواق اختلفت وبقت الموديلات دى عجيبة ... بالنسبة لى على الأقل

شبرا يعنى أم أيمن بتاعت مشمش العمار – العمار دى بلد مشهورة بزراعة المشمش – أم أيمن كانت تقعد فى شارع شبرا على الرصيف اللى بعد شارعنا ... كانت فلاحة جميلة ... صبوحة الوجه شديدة البياض ... عيونها عسلية جميلة ... قد ايه فيه فلاحين فعلا جمال ... جمال ربانى زى مبيقولوا ... عمر ما دنسه مكياج ... وكانت صغيرة السن رغم ابنها اللى كان أصغر منى بحوالى 4 سنين كانت أمى تركب باص الشغل من على الناصية ... فتعدى فى طريقها على أم أيمن وتوصيها تبعت كام كيلو مشمش على البيت عشان تمارس – أى أمى – هوايتها المفضلة فى صنع مربى المشمش اللى غالبا كانت بتنتهى بالخزين أو بالتوزيع على بيوت العيلة أو الأصدقاء لاننا مش من هواة السكريات لدرجة استهلاك كل هذا الكم السنوى المهول من المربى .... ومن نوع واحد كمان



شبرا يعنى شارع الدرمللى ... اللى فيه عم يوسف البقال ... الذى تحول وجهه الهادىء المهذب إلى صورة معلقة بشريط أسود فى محل البقالة اللى واقف فيه دلوقتى ابنه الأكبر الذى يحمل كثير من صفاته الهادئة الراقية ... كنت لما ماما متعمليش سندوتشات الصبح أعدى عليه يعمللى سندوتش لانشون وسندوتش جبنة ... يلفهم فى ورق جرنال ... بس أنا كنت بجيب معايا كيس أحطهم فيه وأرمى الجرايد ... كنت إنفة شوية بغض النظر عن أكلى من الشارع!

وفى الشارع اللى بعده على طول كان منافس عم يوسف هو عياد البقال ... كانت ماما بتفضل جبنته عن جبنة عم يوسف ... ودايما رحلة بابا لشراء البقالة كل يومين يرجع من عنده متغاظ من عياد ... أصله كان سمج ودايما عايز يديك الحاجة زيادة بالعافية ... تقولوا ربع يقولك خليها نص ... تقوله واحدة يقولك خليها اتنين ... ده غير انه على طول زحمة وبطىء ... لما كبرت شوية كنت بتعازم أنا وبابا مين فينا ينزل يجيب العشا من عياد



شبرا يعنى شارع الترعة ... محطة العطار حيث كشك الجرايد الذى كان يمدنا بمجلتى نصف الدنيا والشباب ... ومجلات ميكى وسوبر ميكى – فضلت أشتريهم لغاية الكلية –
شارع الترعة اللى فيه أسواق الشريف للبلاستيك – مصدر أطباق الغسيل وكراسى البلكونة فى بيتنا العامر – ومحل ميكى ماوس لتأجير الفيديو قبل أن نعرف الكمبيوتر والدى فى دى ... كنت بطلع عين صاحب المحل لأنى باخد ييجى نص ساعة كل مرة على ماختار فيلم يعجبنى ... كان دايما يقول لبابا "شيرين دى دماغ" ... يعنى كان ليا ذوق معين صعب إرضائى ... ولا زلت الحقيقة

شبرا يعنى النفق ... كما فى المثل "فاتح بقه زى نفق شبرا" ... يمكن محدش سمع المثل ده قبل كده لأنى أعتقد انه من اختراع أبى ... وقبل النفق على ايدك الشمال محل ناف ناف ... كان أيام العز – قبل ميبقى زى "باتا" بتاع الأحذية كده دلوقتى – مصدر ملابسى الصيفية كلها تقريبا هو و"بنتون" ... التى شيرتات القطن على الشورت الطويل تحت الركبة ( أو هو بنطلون قصير زى البنتاكور بتاع اليومين دول ... حسب وجهة نظرك للموضوع) ... فاكرة ان كان عندى واحد أخضر وواحد بينك ... أكيد شكلى كان جدير بالسيرك القومى ... بس نقول ايه ... جيل أواخر التمانينات بقى! ... ليه كانوا بيعملوا فينا كده؟ حسبى الله!

المهم, على ناصية شارع شبرا قبل النفق بالظبط فيه عمارة متداعية ... هى معجزة معمارية فى حد ذاتها نظرا لبقائها بالشموخ ده فى حالتها! وفى أول دور منها شقة متهالكة هى مقر معهد الموسيقى العربية قسم الدراسات الحرة حيث كنت أتلقى دروس الجيتار لمدة سنتين وأنا فى ثانوى ... ولا عزاء لوزارة الثقافى اللى حولت مقر المعهد الأصلى فى شارع رمسيس إلى متحف موسيقى فيه فستان أم كلثوم ونضارة حكيم العيون عبد الوهاب ... يا فرحتى!
شبرا يعنى جزيرة بدران ... على الناحية التانية وقبل النفق على طول برضه ... مسقط رأس أمى وخالاتى وخالى ... حيث بيت جدتى القديم وجيرانهم اللى لسه عايشين هناك لحد دلوقتى ... جزيرة بدران منطقة يصعب سير السيارات فيها من كتر الحفر والتكسير فى شوارعها ... من أول ما عرفتها لحد ما سبتها كان دايما فيه حفر وتنقيب عن شىء ما لا أدرى – ولا أعتقد أحد يدرى – ما هو

البقية فى الحلقة القادمة بإذن الله
ملحوظة: أعتذر عن عدم جودة الصور ... فأنت مع الكاميرا فى شوارع شبرا كاللص ...تختلس الصور إختلاساً ... فقد تتعرض للمسألة القانونية ... اشتباه فى الجاسوسية ... بل ان هذا قد حدث بالفعل ... فى صورة البوست اللى فات لكشرى عرفة جاء أحد عساكر الأمن ينظر لى بتوجس وريبة "فيه حاجة بخصوص التصوير؟" ... قلت "لأ .. هوه ممنوع" ... قال "لأ .. ومضى مستغربا متوجسا

Tuesday, June 26, 2007

بنت من شبرا - الجزء الأول

طول عمرى عندى ولع خاص بتاريخ الجغرافيا ... أو جغرافية التاريخ

القصص اللى ورا الأماكن

قصص ناس عاشت فى البيوت والشوارع والمحلات

أكيد سابت بصمات

جزء ليس بيسير من ذكرياتها متعلق زى ذرات الغبار على سطح الأماكن دى


وفيما يلى مجموعة خواطر
عن أماكن وأشخاص
شوارع وحواديت
ناس عشت وسطهم
وعاشوا جوايا
حياتهم نفسها
شكلتنى
لونتنى
خلتنى أنا

أتكلم عن شبرا
مسقط رأسى ومهد طفولتى وملعب صباى
لقطات أراها فى خيالى بالأبيض والأسود
زى أفلام الستينات
زى صور أبى وأمى فى شبابهم
ومع ذلك فهى لقطات لها لون وطعم ورائحة
لقطات من زمن تانى
بحس أنه زمن واحدة تانية مش أنا

ابتدى منين الكلام عن شبرا؟
شبرا دى جمهورية لوحدها ... محافظة جوة محافظة القاهرة
مجموعة من الدويلات الصغيرة ... بيربطهم ببعض شارعين طواااااال قوى ... كل واحد فيهم اتجاه واحد .. شارع شبرا للخروج حتى النفق ... وشارع الترعة (الترعة البولاقية) للدخول حتى ما بعد ميدان فكتوريا


وشبرا يعنى بيوت قديمة ... فيها عراقة وأصالة تحسسك بالحنين لأيام عدت وناس غابت
بلكوناتها ذات الأسور الحديدية المتداخلة وسقف أرضياتها المزخرفة بعناية ... وشبابيكها من ذوات الشيش العريض المرتفع ... وسلالمها ذات الأسوار الحديدية ايضاً والدرابزين الخشبى ... والتيجان الزخرفية على قمة كل عمارة ... لو كنت شفت فيلم "أحلى الأوقات" هتعرف أنا بتكلم عن ايه


البيوت دى كان منها كتير فيلات قديمة, تم تحويلها إلى عمارات صغيرة من قبل الورثة ... ورثة بشوات وبكوات وأجانب ... بابا بيحكيلى ان شبرا زمان كانت أكثرها فيلات وقصور وجناين

شبرا يعنى بيت من تلك البيوت... بيتى ... فى شارع مسرة ... واحد من الشوارع الكبيرة المتفرعة من شارع شبرا ... يمتد غرباً حتى الكورنيش ... مروراً بسوق روض الفرج الشهير – سابقاً ... بيتنا فيه عشر طوابق ... كل دور شقتين ... كل شهر الخواجة أرنست – وهو لبنانى الأصل لكن كل الناس بتقوله "خواجة" – كان يبعت المحامى يلم الإيجارات ... حوالى خمستاشر جنيه من كل شقة ... بابا لما اتجوز كان مرتبه حوالى ستين جنيه .... أحسب أنت النسبة وأنت تعرف قيمة الشقة ... آه ه ه ه ... والشقة .... يا سيدى ع الشقة ... أربع حجرات وصالة ... "يرمح فيهم الخيل" زى مبيقولوا ... يعنى بمقاييس زماننا ده تبقى بالظبط فيلا محندقة


شبرا يعنى ذكريات طفيفة عن المترو القديم ... الترمواى طبقا للهجة المحلية أو الترام طبقا للهجة الإسكندرانية ... كان بيمشى فى شارع شبرا عكس اتجاه السيارات ... وكانت أمى تاخدنى من ايدى وأنا لسه فى حضانة ونركب فى عربة من العربات المتأرجحة البطيئة ... كنت أحب قوى أمسك فى العامود وسط العربة وأبص من الباب المفتوح على العربيات اللى ماشية عكسنا ... دلوقتى بقيت حاسة ان حياتى نفسها هى الترام ده ... ماسكة فيه وماشية عكس الناس كلها! ... المهم ... أنزل مع أمى فى محطة الدوران عشان أروح مدرستى ... نمشى فى الشارع الصغير اللى جنب سور المدرسة ... بيسموه شارع المصطوصف ... كلمة غريبة ... المصطوصف شىء زى العيادات الخارجية فى المستشفيات ... مجموعة من العيادات لتخصصات مختلفة ... لكن المصطوصف كلمة يظهر انها مقصورة على عيادات الناس الغلابة ... والمصطوصف ده كانت عملاه مدرستى ... كانت بتديره الراهبات ... خدمة مجتمع للناس الغلابة ...

شبرا يعنى مدرسة الراعى الصالح ... مدرستى ... وبناتها باليونيفورم المميز ... جيبة كحلى وقميص أبيض وكرافتة حمرا ... اللى كان بيخللى بنات شبرا الثانوية والمدارس المجاورة يبصولنا بمزيج من الحقد والغيرة بجيباتنا العايقة اللى فوق الركبة واللى كانت بتخللى أولاد شبرا الإعدادية والتوفيقية الثانوية وغيرهم يزفونا معاكسات فى الطريق من البيت للمدرسة وبالعكس ... وراهبات الراعى الصالح بزيهم المميز ايضا اللى شبه الدريل الكحلى وغطاء الرأس الكحلى

شبرا يعنى شارع طوسون ... طوسون ده كان باشا طبعا ... على الناصية سوبر ماركت النيل 2000 اللى محدش بيدخله ... وكاربت سيتى ... وتمشى لنص شارع طوسون تلاقى بتاع الرقاق ...الملفوف فى ورق بنى زى اللى كنت بجلد بيه كراساتى زمان ... اللى بابا كان بيجبلنا منه كام لفة كده فى رمضان عشان صوانى الرقاق باللحمة المفرومة وأكلتى المفضلة: الرقاق باللبن :) ... وشارع طوسون ده كان لازم نعديه بالعرض كل يوم وبابا موصلنى المدرسة بالعربية لأن شارع شبرا كان اتجاه واحد فكان لازم "نخرم" من ورا ونطلع من الشارع اللى على ناصيته بنك مصر وكشرى عرفة قدام المدرسة على طول


شبرا يعنى كشرى عرفة قصاد مدرستى ... واللى شهدت لنا الدفعات الأصغر مننا كلها بالتفوق والريادة فى تحدى مبادىء وآداب مدارس الراهبات المعهود – على الأقل وقتها كان معهود – يوم ان طلبنا "هوم دليفرى" وقت البريك ل 10 علب كشرى بالدقة! ... وكشك الحاجة الساقعة اللى جنب كشرى عرفة ... اللى عنده جميع أنواع المياه الغازية والعصائر حتى اللى شركاتها غالبا فلست وقفلت من 50 سنة ...حتى قزايز ال"سبيرو سباتس" بعلامة الدبانة اللى كانت بتظهر فى أفلام الأبيض وأسود ... لونها أحمر قانى ... تحس بعد متشربها انك واكل ولادك عالغدا ... يعععععععع !

شبرا يعنى شارع بديع ... وهو عبارة عن سوق خضار عشوائى ... مجرد تجمعات متناثرة من باعة الخضار والفاكهة ... وبسببهم من العسير مرور السيارات ودائما هناك أزمات مرورية ... وبتتفرع من شارع بديع حارة صغيرة فيها ميكانيكى الفولكس اللى كنت باروح مع بابا عنده عشان يصلح عربيته الفولكس ... بابا طول عمره كان "ركّيب" بيتلز ... يبيع واحدة ويشترى غيرها .. عدّى عليه حوالى 15 عربية بيتلز ... من موديل 51 لحد 74 ... عشان كده كان مبسوط قوى لما كبرت ودخلت الجامعة وجه وقت تنفيذ وعده ليه بعربية صغيرة فطلبت منه بيتلز ... فأصبح عم حامد- الحرامى زى ما بابا بيقول – هو الميكانيكى بتاعى بعد ما بابا اعتزل البيتلز وخضع لإلحاحات أمى بإقتناء سيارة حديثة ... والاستعاضة عن تكييف البيتلز المتمثل فى الشبك الصغير المثلث فى طرف نافذتها بتكييف حقيقى يعمل بالفريون وليس حسب هوا ربنا ... وبتتفرع من شارع بديع حارة صغيرة تانية فيها فرن العيش ... كشك أخضر كان بابا ساعات يعدى عليه لما الكسك بتاع شارع شيكولانى يكون قافل أو شطب العيش ...

شبرا يعنى شارع شيكولانى (اسمه كمان كتشنر - اسم انجليزى لشخص ما - أو شارع المستشفى) ... تلاحظ ان معظم أسماء الشوارع فى شبرا ليها طابع أجنبى ... بابا بيحكيلى انها زمان كانت مليانة جريج - يونانيين يعنى - وأرمن ويهود ... وشارع شيكولانى – ساعات بينطقوه شوكالانى – هو شارع كبير بيقطع شارع الترعة بالعرض عند البنزينة ويكمل حتى المستشفى ... الشارع ده زمان كان أميز حتة فيه عند فرن العيش اللى الناس كانت تقف عليه طوابير طويلة طلبا للعيش البلدى السخن الطازة ... قبل ما نعرف العيش الشامى والريتش بيك ! ... وقريب من الفرن كانت المطحنة اللى أمى كانت تطحن فيها السكر ... وفى أول الشارع من ناحية شارع شبرا مكتبة صغيرة كنت باشترى منها فى طفولتى قصص المكتبة الخضراء (لسه فاكرة شكل غلاف قصة الحصان الطائر) وفى سن أصغر كان بابا يشترى لى القصص الصغيرة ذات الغلاف الأحمر والخط العريض أم ربع جنيه ... وكان عشان يشجعنى على القراية يقوللى "لو قريتى القصة كلها وحكيتيهالى هزودلك المصروف" ... أو كان يوعدنى بقصص أكتر .... وهكذا ... ولما كبرت شوية كنت أشترى من نفس المكتبة قصص رجل المستحيل وملف المستقبل

...


البقية فى الحلقة القادمة إن شاء الله

Tuesday, June 19, 2007

كلمات هاربة من صفحة مطوية

أحببتك ولم أعرف لماذا؟
فقدتك ولم أعرف كيف؟
تركتك ولم أعرف إلى أين؟
نسيتك ولم أعرف متى؟
تعب لسانى من السؤال
عقلى كلّ من البحث
ومازال قلبى ينتظر الإجابة

----------------

أفهم اننا بشر
وأنه ليس لنا يدٌ فى القدر
ولكن ما لا أفهمه هو
كيف سمحت لك
أن تضييع وقتى هدر

---------------

كتبى عندك لم تزل
صورى عندك لم تزل
أشياء كثيرة
جدٌ صغيرة
عندك لم تزل
وأنا ما عندى سوى
ذكرى
وأمل

----------------

هناك خط رفيع بين العناد والغباء
وهو نفس الخط الذى يفصل بينى وبينك

----------------

Monday, June 18, 2007

غريبة

ساعات بحس إنى غريبة
عايشة فى بلد غريبة عنى
حافظة شوارعها وحواريها
شارع شارع
وحارة حارة
لكن مش عارفاها
أبص فى وشوش الناس
كلها شبه بعض
كلها تعبانة ومكبوتة
وطهقانة حتى منى
عيونهم فاضية ... زى أرواحهم
لو كلمت حد فيهم
يرجع لى الصدى
بيخبط ويتردد فى فراغ عقولهم
وحيدة أنا
وسط ملايين البشر
همومهم وأحلامهم
إختلافاتهم وعيوبهم
كلها سجن
لف قضبانه حواليا
مبقتش عارفة اهرب منه
كل يوم السور بيعلى
كل يوم حجمى يصغر
والمسافة بينى وبين البشر بتكبر
صوتى مش واصلهم؟
وللا كتر السكوت صم ودنهم؟
ماعادوش يسمعوا
ولو سمعوا مش راح يفهموا
كتر الألم بيولد غباء
أو إستغباء
مين يسمع لغريبة
فى بلد غريبة
تاهت منها نفسها
وسط الزحام

Monday, June 11, 2007

Shirin - A fairy tale :-)

Hmm ... ever wondered about the origin of your name?
i didn't :P ... However, i came across it while surfing.
Actually, my name, which i usually write as "shereen" but is also written as 'Shirin', is a Persian name ... it was the name of the wife of Khosrau II, the ancient Shahanshah - King of Kings - of Persia - Iran.
Shirin is also the name of a princess in a famous Afghani fairy tale called "Shirin and Farhad", the Afghani equivalent of Romeo and Juliet.

Here's how it goes:

There was a brave man named Farhad, who loved a Princess named Shirin, but the Princess did not love him. Farhad tried in cain to gain access to the love-cell of Shirin's heart, but no one would dare betray the fact that a stonecutter loved a lady of royal blood. Farhad, in despair, would go to the mountains and spend whole days without food, playing on his flute sweet music in praise of Shirin. At last people thought to devise a plan to acquaint the Princess of the stone-cutter's love. She saw him once, and love which lived in his bosom also began to breathe in hers. But she dared not a mean laborer aspire to win the hand of a princess? It was not long, however, before the Shah himself heard some rumor of this extraordinary exchange of sentiment. He was naturally indignant at the discovery, but as he had no child other then Shirin, and Shirin was also pining away with love, he proposed to his daughter that her lover, being of common birth, must accomplish a task such as no man may be able to do, and then, and only then, might he be recommended to his favor. The task which he skillfully suggested was that Shirin should ask her lover to dig a canal in the rocky land among the hills. The canal must be six lances in width and three lances deep and forty miles long! The Princess had to convey her father's decision to Farhad, who forthwith shouldered his spade and started off to the hills to commence the gigantic task. He worked hard and broke the stones for years. He would start his work early in the morning when it was yet dark and never ceased from his labor till, owing to darkness, no man could see one yard on each side. Shirin secretly visited him and watched the hard working Farhad sleeping with his taysha(spade) under his head, his body stretched on the bed of stones. She noticed, with all the pride of a lover, that he cut her figure in the rocks at each six yards and she would sigh and return without his knowing.
Farhad worked for years and cut his canal; all was in readiness but his task was not yet finished, for he had to dig a well in the rocky beds of the mountains. He was half- way through, and would probably have completed it, when the Shah consulted his courtiers and sought their advice. He is artifice had failed. Farhad had not perished in the attempt, and if all the conditions were in the attempt, and if all the conditions were in the attempt, and if all the conditions were fulfilled as they promised to be soon, his daughter must go to him in marriage. The Viziers suggested that an old woman should be set to Farhad to tell him that Shirin was dead; then, perhaps, Farhad would become disheartened and leave off the work.
It was an ignoble trick, but it promised success and the Shah agreed to try it. So an old woman went to Farhad and wept and cried till words choked her; the stone-cutter asked her the cause of her bereavement. "I weep for a deceased," she said, "and for you." "For a decease
d and for me?" asked the surprised Farhad. "And how do you explain it?" "Well, by brave man," said the pretender sobbingly, "you have worked so well, and for such a long time, too, but you have labored in vain, for the object of you devotion is dead!" "What!" cried the bewildered man, "Shinin dead?"Such was his grief that he cut his head with the sharp taysha(spade) and died under the carved streamed into his canal was his own blood. When Shirin heard this she fled in great sorrow to the mountains where lay her wronged lover; it is said that she inflicted a wound in her own head at the precise spot where Farhad had struck himself, and with the same sharp edge of the spade which was stained with her lover's gore. No water ever flows into the canal, but two lovers are entombed in one and the same grave.
Hmm ... *SIGH* ... Now where's my Farhad!

Monday, June 04, 2007

Ahlawy 100%


Of course the percentage does not include "zamalkaweya" .... they don't exist anymore! :P
- Zamalkaweya mn el mat7af el masry

Friday, June 01, 2007

هذا الجيل

وقع فى ايدى كتاب اسمه "شكلها باظت" لعمر طاهر ... وبغض النظر عن بعض أجزاء الكتاب اللى بصراحة معجبتنيش ... لكن عجبتنى أوى المقدمة ...لأنها بتعبر بجد عن الجيل اللى بعتبر نفسى واحدة منه - بلا فخر-
:اسمحوا لى أن أنقل لكم المقدمة كاملة دون زيادة أو نقصان
أنا ابن الجيل الذى تفتح وعيه على ماما نجوى وبقلظ وبابا ماجد عبد الرازق "السندباد" و"سينما الأطفال سينما" مع ماما عفاف الهلاوى , وكانت الموسيقى المميزة لبرنامج العلم والإيمان مع د. مصطفى محمود تثير بداخلنا رهبة غير مفهومة , سهرات التلفزيون نعرفها جيداً ... الأربعاء "اخترنا لك" والخميس مسرحية والجمعة فيلم أجنبى على القناة الثانية والسبت نادى السينما والإثنين تاكسى السهرة وبعدها "فكر ثوان ... واكسب دقايق" . يوم الجمعة عالم الحيوان يليه لقاء الشيخ الشعراوى يليه مباراة أو فيلم يليه برنامج "حياتى" ... ومساءاً "العالم يغنى" وكل يوم فى تمام التاسعة والنصف "نافذة على العالم" .
وأفلام ذكرى نصر أكتوبر "بدور" و"العمر لحظة" و "الرصاصة لا تزال فى جيبى" و "حتلى آخر العمر" ... وأفلام المناسبات الدينية "وا إسلاماه" و "الشيماء" و "فجر الإسلام" ... وبناء على طلب الجماهير تعاد دوماً مسرحيات "عش المجانين" و "شاهد ماشفش حاجة" و "المتزوجون" و "إلا خمسة" .
أنا ابن الجيل الذى تلقف فى بداية المراهقة عمرو دياب و محمد فؤاد وإيمان البحر درويش وانتبهنا بشدة لما يقوله محمد منير وأحببنا بتلقائية شديدة حميد الشاعرى ومع ازدياد وطأة المراهقة فتحنا الباب لإيهاب توفيق ومصطفى قمر ومحمد محيى وعلى سبيل الترويش رحبنا بحكيم وعلى سبيل التشجيع استمعنا إلى عامر منيب ... لكن الحب كان يعنى لنا الحجار ومدحت صالح وحنان ماضى و فيروز
أنا ابن جيل البنطلونات الباجى وألبوم بمبم و "أهلاً أهلاً كاراتيه" وكابتن ميزو ومحلول معالجة الجفاف و "لحظة من فضلك" و "دى زبالة يا جاهل" وفوازير نيللى "الخاطبة" و "نوتس لاندينج" و "ذا بولد آند ذا بيوتيفيل" و "المرأة الخارقة" و "الرجل الأخضر" و "الفك المفترس" و "أوشين" وبرنامج "إعترافات ليلية" و "قال الفيلسوف" و"صحبة وأنا معهم" و "ياكلوا حلاوة ياكلوا جاتوه ياكلوا كل اللى يحبوه"
أنا ابن الجيل الذى كان شاهداً على وصول مصر إلى نهائيات كأس العالم وظهور فيروس الإيدز وانهيار روسيا وهدم حائط برلين وأسطورة المجاهدين الأفغان وغزو الكويت ومظاهرات الحرم الإبراهيمى ومذبحة قانا وحرب الصرب ضد البوسنة والهرسك واغتيال رئيس الجمهورية على الهواء مباشرة وعاصفة الصحراء واعتزال الخطيب وفاروق جعفر وخناقة الجوهرى وطاهر أبو زيد وظهور معجزة التوأم حسام وإبراهيم حسن وبداية الإرهاب و"التفجير فى عز الضهر" وشركات توظيف الأموال ومحمد على كلاى فى لحظات مجده الأخيرة وانفجار تشرنوبل النووى واجتياح إسرائيل لبيروت ووفاة ياسر عرفات وشاهدنا لمعان نجوم وانطفائها بداية بمردونا مروراً بعلى حميدة نهاية بالأميرة ديانا.
أنا ابن جيل ظاهرة الغش الجماعى وبداية حوادث الإغتصاب بداية بفتاة المعادى مروراً بفتاة مدينة نصر نهاية بفتاة العتبة., وإدمان الهيروين وحملة "كيف تعرف ان فى بيتك مدمناً" وبزوغ نجم البانجو وظهور عبدة الشيطان ونادى حورس واللبان الجنسى وافتتاح المترو والأوبرا وتدشين مشروع القراءة للجميع وثورة الأمن المركزى وتكفير نصر أبو زيد ونوبل نجيب محفوظ ثم محاولة اغتياله
أنا ابن جيل خرج حبيس القناة الأولى والثانية ( لابد ان يتعرض المسؤلون عنها لمحاكمة جرائم البشرية) وثلاث صحف مستنسخة من بعضها (للأمانة كانت الأخبار تتميز بزاوية عروس اليوم وتهنئة فاترينة الحاج حنفى , الأهرام بصفحة الوفيات – توفى إلى رحمة الله أو إلى الأمجاد السماوية – والجمهورية بعددها الأسبوعى وملحقها الرياضىفهربنا جميعاً إلى سلسلة "المكتبة الخضراء" وتان تان ومجلة الصقلر والعربى الصغير وميكى وسمير والمغامرون الخمسة والشياطين ال 13 ومجلة ماجد وبعدها بفترة احتلت مجلة الشباب الصدارة إلى ان ظهر رجل المستحيل
أنا ابن جيل – مواليد ما بعد نصر أكتوبر – ندخل العقد الثالث ونحن نعى جيداً أننا نفتقد قدوة حقيقية وفرصة كاملة وبعض التسامح. جيل يحب البلد أحياناً لأنه يرى فيها أهله وأصدقاءه ويكرهها أحياناً لأنه لا يرى طريقه فيها بوضوح

Monday, May 28, 2007

مدينة كبيرة لدرجة الإختناق

لعنة الله على المدينة
أعصابى تحترق كل يوم ألف مرة
ومع كل شمس تشرق بيوم جديد
على سطح هذه المدينة التى لا تنام
أستيقظ صباحاً فأكاد أجن
أريد ان أرى الشمس على مرمى البصر
أريد أن أتطلع إلى الأفق
أريد أن أنظر أمامى
فلا تصطدم عيناى بعمارة
أو عامود نور
أو حتى انسان على بعد ميل
أريد ان اسمع
صوت شقشقة العصافير فى الصباح الباكر
بدلاً من نفير السيارات
ونداءات الباعة
وصوت الإذاعة المدرسية
وتحية العلم من المدرسة المجاورة
أريد أن أسير على غير هدى
فلا تعوقنى الأرصفة العالية
وحفر الطريق
والسيارات المارقة
والأكشاك المزروعة على جوانب الطريق
والبضاعة المتراصة هنا وهناك
أريد أن أرى على المدى
مساحة شاسعة من اللون الأخضر
تمتد حولى من جميع الجهات
اتجول بداخلها فلا أرى لها من حدود
أريد أن انظر إلى السماء
فأراها صافية زرقاء شديدة الزرقة
لا تملؤها السحب الرمادية
ولا تقطعها أعمدة الإنارة
أو المبانى الشاهقة
أو حتى الطائرات
أريد ان أتنفس الهواء نقياً
ممتلئاً بالأكسجين
فاستنشق منه بعمق
يملأ صدرى بالحياة
بدلاً من أن يلوثه بثانى أكسيد الكربون
وأبخرة المصانع
والأتربة
أريد ان أسير فى شوارع
فسيحة نظيفة
لا يقابلنى سوى
القليل القليل من الناس بعرض الشارع وطوله
لا يملئون الشارع
لا تحتك أكتافهم بكتفى
أو أنفاسهم بأنفاسى
أريد أن أطل على ضفاف نهر
أو بحر
أو أى لجة من ماء
نقية زرقاء اللون
أنظر فيها فتعكس صورتى
أمد يدى
ألمسها
فليس لها حدود أسمنتية
أو حواجز حديدية

أترانى احتاج إلى آلة زمنية؟

Wednesday, May 23, 2007

هذا الرجل أحترمه

اتكلمت قبل كده عن فتى أحلامى اللى هوه حوووووده

فى الحقبقة دى كات نكتة ... موزحة - مزحة - بريئة ... أنا مش قلت فى نفس البوست انى لا أؤمن بموضوع فتى الأوهام ده؟

المهم ... حان وقت الحقيقة

أن أن اااااااااااااااااااااااه


بس أحب نبقى على وضوح من الأول ... مممم ... هوه فى كام حاجة كده ممكن نغض الطرف عنها يعنى

هو متزوج

مش مشكلة - الشرع محلل أربعة يعنى لسه قدامه تلاتة

وعندة 3 عيال

مش مشكلة برضه - الأطفال أحباب الله

وووو ... شيعى - مش مشكلة خالص ... مش مسلم بردو؟ الله ... انتو معقدينها ليه؟

... المشكلة بقى الأصعب هى ان

حووووودة
حوحو

محمود

يبقى ببساطة

رئيس جمهورية ايران الإسلامية
محمود أحمدى نجاد
-------------------

سيبكوا بقى من التهيييس اللى فوق ده وتعالوا اقولكوا ليه ده بالذات اللى شايفه فتى أحلام
أولا ... أنا ماليش فى السياسة ... وعارفة ان الراجل ليه معارضين كتير جوه وبره ايران ... والبيج بوس/بوش بيعد فى آخر أيامه معاه
بس الحقيقة ان فى حاجات كتير فى الراجل ده بيعترف بيها أعدائه قبل أصدقائه
عنده كاريزما فظيعة ... شخصية مغنطيسية ذات قوة جذب غير عادية ... عارفين الناس دى؟ الى تدخل المكان فتتجه ليها كل الأنظار وتتكلم فتنصت كل الآذان؟

راجل عامل زى حد السيف
عنده تواضع أصبح شبه مستحيل اليومين دول ... خصوصا لو ابن حداد بسيط مثله أصبح فجأة رئيس جمهورية


بيمشى فى الشارع بدون حماية أو حرس أو موكب


بياكل على الأرض
يربط حذائه ببساطة أمام المصورين

يلعب كورة


يتمسك بشدة بمبادئه الإسلامية فيرفض السلام على امرأة ولو كانت ضمن وفد سياسى وذات حيثية سياسية

ويعتذر لمقدم برنامج فى منتصف حوار تلفزيونى لأنه يجب أن يؤدى فريضة الصلاة
بغض النظر عن سياسته أو حكومته أو أى حاجة ... الراجل ده ببساطة رجل والرجال قليل
ولأن موضوع "رجل" ده بالذات أصبح عملة نادرة بالذات فى مجتمعنا - مش عارفة ليه بس بجد لو عديت كام راجل شوفته فى حياتى وكان راجل بجد ... لو اعتبرنا ان الرجولة مواقف وشخصية وكاريزما رجولية ... مش هيتعدوا صوابع ايد واحدة - على فكرة أنا عندى خمس صوابع بس - هتعرفوا أنا ليه بتكلم عن الراجل ده كده

مع احترامى لكل الرجالة اللى ممكن يقروا البوست ده

Saturday, May 19, 2007

تقدر؟

عمرك فكرت حياتك كانت تبقى شكلها ايه لو كنت أنت مش أنت؟
يعنى تخيل لو كنت اتولدت فى بلد تانية ... لو كنت أمريكانى أو ايطالى ... أو صومالى أو صينى؟
طب لو كنت بتشتغل شغلانة غير دى ... طباخ؟ نجار؟ مخرج؟ أو حتى صاحب شركة كبيرة؟
طب حياتك كانت هتختلف لو نشأت فى أسرة مختلفة عن أسرتك ... فى عاداتها وتقاليدها ... فى مستواها الإجتماعى أو الثقافى؟
طب بلاش ... تخيل لو كنت مثلا اتولدت لقيت نفسك هندوسى وللا بوذى؟
حياتك هتبقى أحلى وللا أوحش لو كنت عايش فى قرية صغيرة مش فى مدينة كبيرة؟

أنت مجموعة من ظروف وبيئة وأشخاص اترصوا جنب بعض وفوق بعض عشان يطلعوا الكائن الفريد ده اللى هوه أنت
السؤال دلوقتى: كام عنصر من العناصر دى عندك فعلا القدرة الحقيقية على التحكم فيه وتغييره؟
يعنى تقدر تصحى الصبح تقرر انك مش عايز تبقى موظف أو مهندس أو دكتور وانك عايز تبقى نجار أو مرشد سياحى أو صياد أو أى حاجة ملهاش علاقة خالص بيك لكن حاسس انك ممكن تحبها وتلاقى نفسك فيها؟
ممكن تصحى الصبح تلم هدومك وتطلع بلاد تشيلك وبلاد تحطك لغاية متوصل بلد تقرر ان هى دى البلد اللى عايز تعيش فيها؟
تقدر تخلع اللبس المدنى وتستغنى عن العربية والشقة اللى فى الدور العاشر والمكتب والسوبر ماركت والكافيه وتشترى بيت من الطين فى قرية بسيطة وحمار صغير تركبه وتربى بط وفراخ وتزرع خضراوات وتعيش اليوم بيومه؟
الحقيقة هى ان الأغلبية من البشر معندهاش القدرة على التحكم فى مسار حياتها... إما خوفا من مبدأ التغيير فى حد ذاته وإما لرفضها التخلى عن الواقع
الواقع ان الانسان لأنه لم يشترى نفسه - لأنه مبيفكرش بالقدر الكافى فى اللى فعلا عايزه ... بل فى اللى عايزه الآخرين دايما ... وبيمتثل فقط لرأى الأغلبية ... وللأعراف السائدة - فأصبح مباعاً إلى الأبد بعقد شراكة لكل عنصر من العناصر دى ... فهو عبد لمدنيته - المتمثلة فى كل مظاهر الرفاهية التى بيغلف نفسه بيها- وعبد لجنسيته وعبد لوظيفته وعبد لمجتمعهقليلون جداً اللى قدروا يشتروا نفسهم ويتححروا من قيود العبودية ويفكروا بجدية فى اللى هما عايزينه فعلا مش اللى عايزه الآخرين
ربنا خلقنا مخيرين مش مسيرين ... لكننا عمرنا مبنحاول نستخدم الحق ده أو الميزة دى ...بل بنتنازل عنها وعن طيب خاطر لأتفه وأبسط الأشياء ... ولو كان للاب توب اللى بكتب عليه دلوقتى ده

Thursday, May 17, 2007

It's better to live in a pinky fog of your own, than on a black solid ground created by the others

Friday, May 11, 2007

هذا البلوج مرفوع مؤقتاً من الخدمة
(امتحانات وكده بعيد عنكم)
من فضلك أعد اللوج-إن فى وقت لاحق
(وإدعيييليييييييى وحياة والدك)

Wednesday, May 02, 2007

لحظات من عمر بشر ... لم تتأثر بعوامل البشر

فى الجونة ... كنا كل ما نمشى فى أى حتة ويقابلنا فى وشنا حد من السياح ... رجالة, ستات, مجموعة أو أفراد ... دايما كانوا يبتسموا فى وشنا ويحيونا بهزة راس بسيطة
نرد الابتسامة والتحية وكل واحد يكمل فى طريقه

كنا قاعدين فى أحد المطاعم وجه الجرسرن ياخد طلباتنا ... لقيناه بيقولنا وعلى وشه ابتسامة عريضة
قولولى مبروك الأول-
مبروك ... على ايه؟-
مراتى ولدت امبارح ... جابت حبيبه-
ما شاء الله ... ألف مبروك-
هه بأه؟ ... طلباتكم ايه؟-

عربيتى عطلت وعندى محاضرة بعد أقل من ساعة فى المهندسين
اضطريت آخد تاكسى رغم انى باحاول اتفادى سواقين التاكسى بجشعهم واستغلالهم وقلة أدبهم فى معظم الأحيان
وقفت تاكسى ... السواق رجل مريح الشكل - لا يدل على شىء ... عادة بيتحولوا شياطين متعرفش غير الشتيمة وقت دفع الأجرة - تخطى الخمسين من عمره
قال بأدب قبل ان ننطلق
تحبى نتفق على الأجرة من دلوقتى وللا خلى الرزق على الله-
(مش مشكلة ... أى حاجة (كنت الصراحة عندى استعدد ادفع أى حاجة بس ألحق المحاضرة-
أصل فى ناس تحب تتفق من الأول منعاً للمشاكل والإحراج-
قلت فى نفسى والله كويس ان جت منه ... اتفقت معاه على الأجرة وانطلقنا
ما ان وصلنا المهندسين حتى قال دون ان يتغير اسلوبه الهادىء المهذب فى الكلام
المهندسين دى مبحبش اجيها ابداً ... مدينة نصر مهما كانت زحمة بردو نقدر نستحملها عن هنا-
انا بردو مبجيهاش الا عشان الشديد القوى-
لم نتبادل كلمة بعدها لحد ما نزلنى قدام باب الأكاديمية وقال
ربنا يوفقك يا بنتى ... تحبى أعددى عليكى أرجعك؟-
لا شكرا ... هتصرف ان شاء الله-
بجد ... منغير فلوس ... مانا كده كده راجع مدينة نصر بردو-
لا والله هتصرف ... معرفش هاخلص امتى ... ربنا يكرمك-
طيب .. خللى بالك من نفسك-

كنت ماشية فى المول لوحدى وفجأة لقيت حد بيمسكنى من دراعى
اتلفت بسرعة لقيت واحدة واخدانى بالحضن وبتتكلم بالانجليزى
- Hey, how are you? i'm so glad i saw you ... i missed you
افلتتنى وأنا تحت وقع الصدمة وآخدت شوية على ما دققت فى ملامحها وعرفتها ... واحدة روسية قابلتها كام مرة مع مجموعة من صحابى مسلمين أجانب عايشين فى مصر
وقفنا ييجى 10 دقائق بنتبادل الأخبار والسلامات
مشيت وأنا مفيش جوايا غير : سبحان الله! فى ناس كده؟
السبب؟ لأنه يا حضرات الست دى أنا مقابلتهاش غير حوالى 4 مرات بس فى حياتى ... ومفتكرش حتى انى تبادلت معاها أى حوار شخصى لأكثر من دقيقتين أبداً
ولو شوفتوا فرحتها بجد انها قابلتنى واهتمامها باخلاص بمعرفة أحوالى كنتوا عرفتوا ليه بقول سبحان الله
-----------------

ليه مبقاش فى ناس تهتم بيك بجد ... تسأل عنك وتتابع أخبارك ... مش عشان بينكوا مصلحة أو معرفة أو حتى صداقة؟
ليه مفيش حد يفرح بجد اما يشوفك كانكوا صحاب قدام أوى بقالكوا كتير ماشوفتوش بعض رغم انكوا لا صحاب ولا حاجة؟
ليه مفيش حد يقابلك صدفة فياخدك بالحضن جامد وتحس لحظتها ان أسعد حاجة حصلتلوا اليوم ده هى مجرد انه شافك؟

ليه مبقاش فى حد مبيفكرش فى استغلال ظروفك لو قادر انه يستغلها؟
ليه مبقاش فى حد يعرض عليك مساعدة من غير حتى متطلبها؟
والأسوأ من كده اننا حتى لو الناس دى موجودة بجد ... بناخد وقت طويل قوى قبل مانصدق انهم موجودين ... بنقابلهم دايما بالشك والتوجس ... فبقينا عايشين 24\7 من حياتنا قلقانين وخايفين ومترقبين : با ترى الضربة الجايه هتيجى منين؟ ياترى مين اللشخص التالى اللى هيخدعنا او يستغلنا أو يضحك علينا؟
مبقناش حتى نعرف ننام بالليل من كتر الشعور العام بعدم الأمان حوالينا

ليه مبقاش فى ناس بتفرح قوى ... بتفرح بجد ... بتفرح من قلبها ... لدرجة انها بتبقى ماشية تقول لكل اللى تقابله على سبب فرحتها؟
ليه مبقاش فى حد قادر انه يعيش بوسع قلبه كله ... يملا الدنيا فرحة لفرحته ... وحتى يملا الدنيا بكى لحزنه
مبقناش نعرف نضحك ملىء قلوبنا ولا نبكى ملىء عيونا ... شوفتوش خيبة أكبر من كده؟

ليه مبقاش فى حد بيبتسم فى وش التانى؟
ليه كلنا بنمشى مكشرين وبنزغر لبعض فى الشارع بدون سبب؟
إنزل الشارع تحس ان الناس مش طايقة بعضها
كلنا ظروفنا صعبة والعيشة أسود من لون زيت طعمية عبده تلوث بشوية ... بس فيها ايه لو بس نبتسم فى وش بعض؟
يمكن نهون على بعض شوية ... الابتسامة بتدى أمل ... تشجعك انك تكمل يوم واحد كمان ... يعنى لو قابلت واحد بس مبتسم الصبح تقدر تكمل يومك ... تخيل بقى لو كل واحد ماشى فى الشارع بيبتسملك ابتسامة عريضة ... ليك أنت لوحدك ... بيتهايألى هتحس انك نجم انهاردة ... انك معندكش أى مشاكل ... كفاية ان الناس كلها بتبتسم لما تشوفك .. مين عايز تقدير لذاته أكتر من كده؟